سرت معلومات تقول ان طاهر المصري قد يُكلَّف برئاسة الحكومة، والارجح ان الرجل سمع المعلومة، كما سمعناها، والذي ُيقدّر الرجل لا يحب ان يراه في هكذا موقع.

السبب بسيط، ويتعلق بموقع رئاسة الحكومة في الاردن، الذي بات مكلفاً جداً على اي شخصية تتسلمه، وهو موقع لم يخرج منه احد سالماً طوال سنوات طويلة، لان الجميع يطلقون النار على رئيس الحكومة.

ربما يأتي من يقول ان رؤساء الحكومات لدينا يرتكبون اخطاء تجعل استهدافهم او محاسبتهم امرا طبيعيا، وفي هذا وجه صحة الى حد ما، غير ان موقع رئيس الحكومة يناله ايضاً من الاساءات واطلاق النار العشوائي، ما يجعله غير محتمل ابداً.

فوق ذلك رئاسة الحكومة في الاردن، تعني الاحتراق شعبيا، منذ اليوم الاول، لان كل رئيس حكومة يأتي تنتظره حزمة قرارات اقتصادية سيئة عليه ان يتبناها، فيدخل في مواجهة، مع الناس، فلا يصدق الناس تبريراته ولا شروحاته.

مع هذا فان موقع رئيس الحكومة يثير غيره اللوبيات السياسية، فيبدأ اطلاق النيران على صاحبه بوسائل عدة، حتى يصل مرحلة الزحف على بطنه من شدة النيران الصديقة وغير الصديقة.

الذي يحب طاهر المصري لا يتمنى له رئاسة الحكومة ، فالرجل في موقعه الحالي، مرتاح، ويحظى باجماع الى حد كبير، ولا خلاف عليه، في عمان او المحافظات، ولا اختلاف بشأن مواقفه السياسية وعلاقاته مع الناس.

لعله يقدر اليوم وبكل بساطة ان لا يخسر احدا، فيكون رئيسا للجنة الحوار الوطني، التي انتجت توصيات قانون الانتخاب، ويكون عضوا في لجنة تعديلات الدستور، ويلتزم بدولته، ولا يهاجم الاسلاميين، ويعتبرهم جزءا من النسيج الوطني.

بهذا المعنى هو قادر على صياغة موقف لا يخسر فيه احدا، لا الناس، ولا النخب، ولا الدولة، ولا كل الاتجاهات، فيما رئاسة الحكومة تفرض عليه اجندات سياسية واقتصادية، بفعل توافقات مركز القرار، فيضطر الى يتخلى عن توازناته باتجاه مواقف محددة، يحمل كلفتها اولا واخيراً.

رئاسة الحكومة في الاردن، لا ترضي احدا، ولا يسلم من حرائق الموقع الا من رحم ربي، ولا يحلم صاحبه برعاية او حماية، ولا برضى الناس، ولا تفهمهم، ولا ايضا بقدرته على انجاز شيء للناس يشكرونه عليه.

ليس ابسط من قراءة التعليقات وردود الفعل بعد سريان اشاعة تكليف المصري برئاسة الحكومة، اذ بدأت الطاحونة تدور ضده، ولاذع الكلام من هنا وهناك، والتوحش خرج من البئر لمجرد ذكر اسمه رئيسا للحكومة، فكيف لو تم تكليفه فعلياً.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   ماهر أبو طير   جريدة الدستور