لدينا طبقة كبيرة في الاردن،ثرية،دون تبرير مصدر ثروتها،خصوصاً من موظفي الحكومات،ومن درجات مختلفة،وفوقهم نواب،وحفنة من اصحاب المواقع هنا وهناك.

تفهم الثراء الذي سببه الغربة،وتفهم الثراء الذي سببه التجارة،وتفهم الثراء الذي سببه بيع الارض بعد ارتفاع سعرها،وتفهم الثراء الذي سببه الارث من الوالد،لكنك لاتفهم الثراء الذي يستجد على كثيرين،ولاتكلف اي جهة رسمية نفسها لتوجيه سؤال الى هؤلاء.

لو جمعنا رواتب اي شخص من هؤلاء ومياوماتهم،لاكتشفنا انها لاتكفي ثمنا لسيارة نجله،او كريمته،وعلى هذا، الفساد عنوان متحرك فوق رأس صاحبه،وواضح كما الشمس وليس بحاجة الى دليل مادي.

محاربة الفساد في الاردن،تعتريها اخطاء فادحة،فأكثر الذين يطالبون بمحاربة الفساد،هم من الفاسدين،لانهم يريدون التطهر والظهور بصورة شريفة وكريمة امام الرأي العام،فيما بعضهم اصل الفساد ووالده ووالدته.

بعض هؤلاء يحرقون خصومهم في قضايا فساد،لانهم يريدون ازاحة الاضواء عنهم،والقول ان الفاسد هو فلان او فلان،ويريدون ان تغرق المؤسسة الرسمية في حروب جانبية،مع انصاف فاسدين،وتركهم يستمتعون بأموال شعبنا واهلنا.

سؤال:كم عدد الذين تقدموا بإقرار الذمة المالية الى الجهات الرسمية،من اصل الذين يتوجب ان يقدموا مثل هذه الاقرارات،من وزراء حاليين وسابقين،نواب واعيان،اصحاب الدرجات العليا الى اخر القائمة؟.

هل تستطيع الحكومات لدينا ان تنشر قائمة بأسماء الذين تقدموا بإقرار الذمة المالية،واولئك الذين لم يتقدموا،وهل تستطيع ان تبرر لنا السكوت على اولئك الذين لم يتقدموا حتى الان؟.

سؤال اخر،من قلب سابقه هل يكفي اقرار الذمة المالية،بمعنى ادراج الممتلكات واغلاق المغلف،وعدم فتحه الا في حالة قانونية،كما هو جار،ام يتوجب تقديم تبريرات عن مصادر هذه الثروات مع كشف اقرار الذمة المالية؟.

من اين جاءت مئات الاسماء بثرواتها،من مزارع واراض وعقارات وحسابات مصرفية داخل الاردن وخارجه،ولماذا نركز في حديثنا عن الفساد على اسماء نريد حرقها،ونترك اسماء اكثر فساداً؟.

سؤال ثالث من صدر سابقه ايضاً لماذا لاتتم صياغة قانون «من اين لك هذا؟» ويتم توجيه السؤال الى الاف الاسماء بشكل شرعي ودون اتهام مسبق،بحيث نعرف الفرق بين الثري الشرعي،وذاك الذي يبيض الاموال،او هرب الاموال من العراق،اوباع وسمسر في الاردن وفلسطين.

نريد ان نعرف الفرق بين الثري ومن كانت امواله حلالا وذاك الذي قبض رشوة لتمرير معاملة او ملف او قضية،نريد ان نعرف الفرق بين من أُثري بتعبه وشقاه،ومن ارتشى وشرب دم اطفالنا.

نحب ان نفهم كيف يمتلك فلانا ارضا تقدر بعدة ملايين وقد كان مدينا في وظيفته العامة،ونريد ان نفهم كيف يمتلك فلان قصرا في جنوب بلد اوروبي وقد كان يتبرع برواتبه خلال وظيفته لسائقه ومراسل مكتبه والذي يصب القهوة في فنجانه؟.

اخطر صنف علينا هم اولئك الذين لايتذكرهم احد،واولئك الذين يطلقون النار على الفاسدين،وهم اكبر الفاسدين،فنصدق القصة،وتصير لعبتنا التسلي ببضعة اسماء،والتعامي عن اسماء اخرى،فيما كلهم شبكة واحدة،حولوا البلد الى ذبيحة العيد،فهذا يأخذ الكتف،وذاك اخذ الرأس،وثالث اكتفى بالجاعد.

من اجل محاربة الفساد فلنذهب الى عنوانه مباشرة دون لف او دوران.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   ماهر أبو طير   جريدة الدستور