هذا ما كنا نحذر منه دوماً، فاثارة الفتن بين الاردنيين والفلسطينيين على ضفتي النهر، مطلوبة، لان اسرائيل، تريد الاردن، باعتباره، جزءاً من اسرائيل الكبرى، فيما نحن نتوارى ونهتف ضد بعضنا، بدلا من التوحد تحت عنوان واحد.

الكارثة التي نمر بها تشي بانعدام الوعي القومي، لان بعضنا يعتبر ان مشكلة الفلسطينيين، تخصهم وحدهم، وان عليهم وحدهم ان يواجهوا هذه المحنة، فتصير قضية فلسطين عبئاً على العرب.

هذه هي شخصية اسرائيلية معروفة تخرج لتقول ان لا شعب فلسطينياً موجوداً اساساً غرب النهر، ولا شعب اردنياً موجوداً اساساً شرق النهر، وان ما في الاردن مجرد قبائل تم جمعها من الصحراء لاقامة دولة، وان اسرائيل تمتلك قانونياً ارض الاردن وفلسطين.

يصف الكاتب الدولة الاردنية بأنها دمية، وبأن سكانها قبائل تم تجميعهم من الصحارى، وان ملكية اسرائيل للارض على جانبي النهر امر لا نقاش فيه.

قرأت نص ترجمة المقال الذي كتبه الدكتور «حاييم مسغاف» في موقع «واي نت» الاسرائيلي، وقد قام موقع «في المرصاد» الاردني بترجمته حرفياً وكاملا، و»مسغاف» محاضر في قسم القانون في كلية ناتانيا.

الرأي الذي يطرحه يتبناه تيار كبير في المؤسسة الاسرائيلية التي لا ترى في الاردن وطناً بديلا لاحد، بقدر اعتبارها وجود العرب من الاردنيين والفلسطينيين طارئا في البلدين، ويتوجب اخراجهم وطردهم، من البلدين.

يقول «مسغاف» في مقالته «إن عصبة الأمم المتحدة التي منحت بريطانيا ولاية تشكيل وطن قومي للشعب اليهودي، أشارت إلى كامل الأراضي على جانبي نهر الأردن، ينبغي للمرء أن يكون على علم بالآتي، لم يكن هناك شعب أردني في المناطق شرقي نهر الأردن التي طالبت بالاستقلال هناك، مثلما لم يكن هناك شعب فلسطيني في المناطق غربي نهر الأردن».

يقول ايضا: ديفيد بن غوريون عندما صاغ إعلان الاستقلال، فإنه لم يرسّم حدودا لدولة إسرائيل، كما أنه كان يعلم أيضا أنه في نهاية الحرب التي فرضت على المجتمع اليهودي الصغير من قبل الدول العربية، فإن الحدود ستكون مختلفة عن حدود التقسيم.

يضيف «مسغاف»: إن أول رئيس وزراء للدولة اليهودية، علم كذلك أن أي مناطق احتلها الجيش الإسرائيلي فإنها ستبقى جزءا من الدولة، وسوف لن تسمى أراضي محتلة، الدولة اليهودية سوف تصبح المالك القانوني لتلك المناطق استنادا إلى الاتفاقيات الدولية التي عينت كل أرض إسرائيل، وعلى جانبي نهر الأردن، لسوء الحظ، تم احتلال أجزاء فقط من يهودا والسامرة والقدس الشرقية وغور نهر الأردن في تلك الحرب.

يقول ايضاً: لقد كان واضحا للعالم أن السيادة الحقيقية لهذه الأراضي هي للشعب اليهودي، إن الدولة في الاردن التي لا تشكل أمة في الحقيقة، بل خليط من القبائل التي وصلت من جميع أنحاء الصحراء، إضافة إلى ما يعرف باسم «اللاجئين الفلسطينيين»، من المؤكد أن الحكم يشعر بالقلق إزاء مصير الدولة دميته، هذه الدولة لديها عائلة معروفة باسم «العائلة المالكة»، والتي تحكم البلد، وليس هناك شيء آخر، العالم كله متلهف إلى أن يرى تلك الدولة على أنها «دولة فلسطين» في أحد الأيام، إن إقامة دولة فلسطينية أخرى إلى الغرب من نهر الأردن، ستكون بالتأكيد حماقة كبيرة، أولا، لأن تلك الدولة سوف تسعى إلى التوحد مع شقيقتها شرقي النهر، وثانيا، لأن الكثير من العرب في الجليل وشمال إسرائيل سوف يسعون أيضا للاتصال بهذه الدولة.

هكذا اذا يقول مسغاف معبراً عن اراء لمخططين اسرائيليين يريدون احتلال الاردن في مرحلة لاحقة، ويريدون طرد الفلسطينيين والاردنيين الى غرب العراق، وهو مخطط سبق ان تسرب، مما يفتح الباب للتساؤلات حول بنيتنا الداخلية التي يتوجب تقويتها، للرد على هكذا مخططات، وهكذا ترهات، تسيء الى اهل الاردن وفلسطين، وتضعهم معا تحت مرمى النيران والحقد.

كل هذا يثبت اننا تحت سيف الخطر في هذا البلد، وان الحل الوحيد، هو في تنقية الداخل من شوائب الاقليمية، وان يتكاتف الناس، ويعيدوا العداوة الى مربعها الاول، مربع اسرائيل، اذ هي عدوتنا الاولى، التي ينبغي مواجهتها، عبر توحيد العناوين والهموم.

اذا لم يكن هناك شعب اردني ولا فلسطيني، فماذا نقول اذا عن «الشراذم» الذين تم جمعهم من مائة بلد، لاخذ بلد ليست لهم، ويذهبون ايضا بعيداً في التخطيط لاخذ بلد اخر أيضاً.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   ماهر أبو طير   جريدة الدستور