تعلن وزارة المالية ان ديون الاردن الداخلية والخارجية،تجاوزت الاربعة عشر مليار دينار،وفي ذات الوقت فإن ديون الافراد العاديين للمصارف تصل الى حدود العشرين مليار دينار.
لو توقفنا عند رقم الاربعة عشر مليار دينار،اي ديون الخزينة،للمصارف الداخلية والخارجية،وقمنا بقسمة هذا المبلغ على ستة ملايين ونصف مليون اردني،لاكتشفنا ببساطة ان حصة الاردني من الدين العام،تصل الى الاف الدنانير،بما في ذلك الطفل البالغ من العمر يوما واحدا،وصولا الى العجوز،مرورا بالاجنة في بطون امهاتهم،وربما من في اصلاب الاباء.
فوق ذلك تأتي ديون الافراد،واغلب الناس غارقين في الديون للمصارف،اما قرض صغير لترميم البيت او لمشروع صغير،واما سيارة مرهونة،او شقة بالتقسيط،او مزارع يرهن ارضه،وآخرون غارقون عبر البطاقات الائتمانية،لذات المصارف،والذي يدقق في العاصمة عمان كنموذج يكتشف ببساطة ان نصفها الشرقي هالك من الفقر فيما نصفها الغربي المحسود مملوك للمصارف،ومرهون لها،وعاصفة المظاهر والعنتريات تخفي خلفها واقعا بشعا
.
اذا دمجنا حصة الفرد من الدين العام،وحصته من ديون الافراد،فأن كل اردني مدين للداخل والخارج بعشرات الالاف من الدنانير،وحتى ذاك الفرد غير المدين،تأتيه حصته مرغما،عبر تأثيرات الدين العام على الحياة الاقتصادية والاجتماعية للفرد،وتأتيه حصته من دين غيره من الافراد،عبر تداعيات كثيرة،ابسطها ارهاق الاقتصاد،وتعثر السداد،وتأثيرات ذلك على الجميع،من بوابات الفقر والبطالة.
رئيس حكومة سابق قال ذات مرة في جلسة خاصة،ان الاردن لو هبط عليه كنز من السماء وقام بسداد كل دينه العام،للداخل والخارج،فلن يتغير شيء،لانه خلال خمسة سنوات،سوف يستدين مجددا لتغطية الرواتب والتزامات الموازنة،ويقع في ذات الدين،وهكذا فأن الحل السحري بسداد كامل المديونية،لن يؤدي الى اي نتيجة،لاننا سنعود الى ذات الدائرة المفرغة | .
بهذا المعنى يبدو البلد مرهقا جدا على الصعيد الاقتصادي،فلاهو قادر على ادارة ديونه العامة،ولاسدادها،ولاهو قادر على مد يده الى جيوب الافراد لاخذ مافيها من مال قليل عبر سياسات الجباية،لان الافراد ذاتهم غارقون في ديون مجموعها فوق مجموع ديون الخزينة والحكومة،فيما يتم استدراج الاغلبية للاستدانة عبر سياسات التسهيلات التي ادت الى طبع كل اردني بعلامة تجارية تقول انه مدين | .
لاتعرف لماذا وصلت البلد الى هذا المستوى من الاغراق في الديون،خصوصا،اننا لم نر خلال السنوات الماضية،اي انجازات كبيرة،تستحق هذه الديون،فلم ُتبنى مستشفيات كبيرة،ولاجامعات،والخدمات تراجعت،حتى الشوارع تشققت،والبلديات والجامعات غارقة بدورها في الديون،هذا غير التزامات الحكومة غير المسددة للناس من مقاولين ومستودعات ادوية وبدل استملاكات،وغيرذلك.
هكذا نعرف بكل بساطة،اننا كنا امام احد واقعين،الاول وجود عمليات نهب منظم للمال العام ادى الى هذه النتيجة المأساوية بحيث تمت سرقة البلد،وتدمير اقتصاده،بدافع الاثراء على حساب الناس،او خدمة لمخطط يؤدي الى اهلاك الاردن ومن فيه،والثاني اننا كنا امام سوء ادارة وسوء تقدير لكل شيء،ولربما اجتمع الواقعان في واقع واحد،يؤدي الى ذات النتيجة.
من يتحمل هذا الوضع الذي وصل البلد اليه،خصوصا،ان الاستدانة مرشحة للزيادة والتفاقم،لسداد التزامات بقية العام المالية؟؟؟ وعلينا ان نتذكر الحقيقة المرة التي تقول ان هذا الرقم الفلكي،جاء بعد عشرات المليارات التي دفعت للبلد على مدى سنين فائتة،على شكل مساعدات دولية وعربية،وعلينا ان نتخيل سوء الوضع اليوم،لو لم يدفع الاجانب والعرب،الذين كلما زاد دفعهم لنا،زادت ديوننا،وتراجعاتنا للخلف،في اغرب معادلة في التاريخ؟ | .
ويبقى السؤال مفتوحا ...لأي هدف يتم إغراق الأردن والأردنيين بالديون؟ | | | |
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة ماهر أبو طير جريدة الدستور
|