اصدرت عدة دول عربية اكثر من عفو خلال شهر رمضان،وتم الافراج عن الاف السجناء في مصر وتونس،وغيرهما من دول قريبة او بعيدة،باعتبار ان رمضان يتم فيه التخفيف عن كثير من العائلات.

عندنا «رمضان» مثل «شعبان» ولا يأتي من يتحدث لصاحب القرار عن ضرورة العفو،بل تتشاطر بعض البطانة للتحريض ضد فكرة العفو باعتباره مكافأة للمخطئ،وهكذا يصير لازما بناء سجن جديد كل عام لاستيعاب القادمين الجدد.

في الاردن صدر اكثر من عفو،وتم تخريب العفو بكثرة الاستثناءات،وبهذا لا يكون عفوا ابدا،بل تم تسجيله على رصيد الناس،وهو ليس بعفو،والذي يريد عفوا بحق،يصدر عفواً عاماً عن كل شيء،وهذا امر سبق ان تم فعله،وليس جديدا.

لدينا نظرية جديدة تقول ان العفو العام لا يجوز لانه يضر بحقوق البعض،ولم نكن نسمع هذه النغمة سابقا حين كان يصدر عفو عام،وقد كتبت اكثر من مرة لأطلب عفوا عن قضايا الحق العام،او عّمن امضوا نصف المدة،مستغرقا في تكييف اشكال العفو المطلوب.

الواضح ان كل هذا التفاف على فكرة العفو الاصلية،والناس تخطئ،والله بعظمته يعفو عن البشر مهما كانت افعالهم،فيما لدينا كثرة ترفض العفو لان لها قضايا في المحاكم،وهكذا يتم منع فكرة العفو،لاجل حقوق البعض.

نريد عفوا عاما يأخذ الجميع،لان هناك الاف البيوت التي خربت جراء خطأ كبير او صغير،ارتبكه الاب،وكلفة الاخطاء اكبر من ذات الخطأ،فقد يعاقب الاب،على فعلته،وفي المقابل يتم تدمير عائلة كبيرة بأولادها وبناتها،وقد يتحول بعضهم الى مجرمين ومنتقمين من كل المجتمع.

التسامح صفة بشرية تقابل الحقد والكراهية،ولدينا مثلا انموذج لاكثر من اربعمائة رجل مسجون على خلفية قضايا نفقة،والمرأة التي تنتقم من الزوج لانه لا يدفع،تحول ابناؤها الى ابناء رجل سجين،بذريعة المال،وهكذا تتزايد المشاكل بين الناس بسبب التشريعات غير المناسبة،وسهولة رمي الناس في السجون.

الاف السجناء،وعشرات الاف المطلوبين على قضايا الحق العام،وعشرات الاف المطلوبين على قضايا خاصة،والاف القضايا المالية من شيكات وكمبيالات وغرامات،وعشرات الاف القضايا المتعلقة بخصومات ونزاعات واعتداءات،والكل يدق في عنق الكل.

العفو العام مطلب للجميع،ونحن في رمضان،والدولة تأخذ مال الناس عبر الضرائب،ولم تعد تقدم للناس شيئا،بذريعة انها في اوضاع صعبة،لكنها ايضا لاتتنازل لتقدم اي شيء اخر للتخفيف عن الناس،مثل توزيع قطع الاراضي على المواطنين،او اصدار عفو عام للتخفيف عن عشرات الاف البيوت.

فوق ذلك فان العفو العام مفيد لذات المؤسسة الرسمية لانه يؤدي الى تبييض السجون،وتخفيف الاحمال عن المحاكم والتنفيذ القضائي ومراكز الشرطة،ويمنح هذه المؤسسات فرصة للتنفس واعادة ترتيب اوراقها.

اذا كانت حجة عدم اصدار عفو عام تتعلق بوجود قضايا فساد،فليتم اصدار عفو عام يشمل كل شيء،باستثناء قضايا الفساد،وعددها قليل جدا،فيما لا يمكن عرقلة فكرة العفو العام عن كل السجناء والمطلوبين،بذريعة عشرة افراد.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   ماهر أبو طير   جريدة الدستور