اصرت الحركة الاسلامية على مقاطعتها للانتخابات النيابية المقبلة،وفي تصريحات نائب المراقب العام الشيخ زكي بني ارشيد تأكيد على هذه المقاطعة لان الدولة لم تقدم عرضاً متكاملا للاسلاميين.
كثرة تعتبر الاسلاميين مكوناً اساسياً وان مقاطعتهم عدمية وغير مجدية سياسياً لكل الاطراف،وكاتب هذه السطور من الذين يعتقدون ايضا ان مشاركتهم ضرورية وان مقاطعتهم خسارة لهم وللعملية الانتخابية ايضاً.
غير ان علينا ان ننبه الاخوان المسلمين الى ان صفقة ما كان يمكن ان تمر لو حاولوا ذلك،وهذه الصفقة تتضمن تقديم تعهدات بنظافة الانتخابات،وعدم التزوير ضد الاسلاميين،والتعهد بتعديل قانون الانتخابات والدستور عند اول دورة برلمانية مقبلة للبرلمان الجديد، ولو تم الاعلان عن هذه التعهدات رسمياً مقابل مشاركتهم،لما خسر الاسلاميون شيئا.القصة قصة شهور فقط.
بما ان هذا لم يحصل فدعونا ننبه ايضا الى ما تحكيه الارقام،فعدد ناخبي الاخوان المسلمين في الاردن يتراوح ما بين مائة وثمانين الفا الى ربع مليون صوت،وهذ نتاج جمع عدد الذين صوتوا لنوابهم سابقاً،وفي المقابل فإن الذين سجلوا للانتخابات هذه المرة تجاوز المليون ونصف،ويقترب تدريجياً من مليوني صوت.
هذا يقول ان كل المسجلين برنامجهم يختلف عن كتلة المصوتين الاعتياديين للاسلاميين وهي كتلة عددها قليل،فمن هو الرقم الاكثر تعبيراً في هذه الحالة عن نبض الشارع او رغبة الناس....
وما دمنا نحكي عن الارقام يسأل من في عمان الرسمية عن قدرة الاسلاميين على حشد خمسين الفا ، يوم الخامس من الشهر المقبل،ولنذهب الى افتراض اوسع ولنقل انهم حشدوا مائة الف،ولنقل ان كل ناخب سابق بات متظاهرا حالياً،وهذا غير وارد.
لان الارقام تحكي فعلى قيادة الحركة ايضا ان تتوقف عند دلالات الارقام،لان عدد المسجلين يرسلون رسالة مغايرة للرسالة التي يرسلها عدد المتظاهرين المحتملين سواء كان خمسين الفا او اكثر.
يقال هذا الكلام ليس تجريحاً للحركة الاسلامية كما جرت عادة بعض الناقدين،او تصغيرا لكتفيها،لكنها الخشية من ان الاسلاميين باتوا فوق الشجرة ولا يعرفون كيف سينزلون عنها،فقرار المقاطعة الذي تندم عليه بعض القطاعات داخل الحركة،قرار انتحاري؟
.
العقلاء في الاخوان المسلمين عليهم ان يبحثوا عن صفقة بشروط مقدمة ومؤجلة،لان من المستحيل الاستجابة لكل الشروط مرة واحدة،ومن الشروط القابلة للتأجيل بضعة شهور مع تعهد رسمي بالتعامل معها بتعديل قانون الانتخاب والدستور فلا شيء مقدس فيهما.
اخلاء الاسلاميين لمقاعدهم امر سلبي،غير اننا حين نقرأ الارقام،لا نقرأها فقط من زاوية نسبة المسجلين الى نسبة الواجب تسجيلهم اجمالا وحسب،بل نقرأها ايضا من بابين،الاول عبر المقارنة مع نسبة المقاطعين،والثاني ازاء نسبة المتظاهرين المحتملين ايضا،فالارقام تحكي هذه المرة،وهي ليست مجرد ادعاءات.
ما سبق يقول للحركة ان عليها ان تتخلى عن ترددها،وتعترف بأن المقاطعة عدمية،وان صفقة بشروط مقدمة واخرى مؤجلة،خير مما كانوا ينتظرون،اي صفقة كبيرة كاملة،او لا شيء والبقاء خارج مركز صناعة القرار.
ماذا يقول الاسلاميون اليوم عن الارقام التي تثبت ان سيرهم عكس السير؟ | .
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة ماهر أبو طير جريدة الدستور
|