ما زال قانون «من اين لك هذا» يخضع للتأجيل والتجميد داخل المؤسسة التشريعية برغبة من الحكومات المتتالية، ومنذ عام 1989 والتلاعب بالشعار والمضمون حول قانون «من اين لك هذا» يجري على قدم وساق في هذا البلد، على مرأى من الناس.

عدم الافراج عن قانون «من اين لك هذا» من ثلاجة السلطة التشريعية، وعدم صدق الحكومات في اقرار هذا القانون بات واقعا ساطعا، والمتنفذون في البلد لا يريدون قانون «من اين لك هذا»، لانه يفتح الباب امام اجابات معقدة، فلا اجابات فعلا حول مصدر ثرواتهم، ونتحدى مئات الاسماء ان تثبت مصدر اغلب ثرواتها او تراكم هذه الثروات داخل البلد وخارجه.

هو السؤال الممنوع اذن، وهو سؤال لو تمت الاجابة عنه، لارتاح شعبنا من كل هذه الشكوك، والشعور بأن بلادهم باتت مزرعة يتم نهبها، واذا كان الفساد قويا الى هذه الدرجة؛ فما هو الحل لاعادة الثقة الى نفوس الناس، الذين يشهدون ايضا افقارا ممنهجا ومتواصلا، الى الدرجة التي بات يصح فيها مطابقة حياتنا مع مجتمعات مسحوقة ومعروفة بالتمايز الطبقي؟.

هي مسؤولية الحكومات ومسؤولية النواب، الذين يتغامزون بعد الخروج من مواقعهم بأن القرار ليس قرارهم والامر ليس بيدهم، وهكذا، فوق التقصير والكذب على الناس، يرمون المسؤولية على من هو فوقهم او اقوى منهم، اضافة الى شراكة بعضهم في الضرر من السؤال واجاباته.

هذا ليس حسدا سياسيا ولا ضيقة عين اجتماعية او اقتصادية، ولكنه اقرار بأننا بتنا امام بلد جديد، فيه طبقة كبار، وامامهم طبقة كبيرة من المسحوقين، ومن كان ماله حلالا، فليبارك الله له، اما من كان ماله حراما؛ فليقل لنا من اين جلب المال، وعلى حساب من، ولماذا نرضى اساسا بفرز الناس الى طبقات، انقلبت لاحقا الى طبقتين، غنية جدا، واغلبية من الفقراء وفيهم جمهور من المستجدين بعد ان كانوا في الوسطى يقبعون؟.

بعض المتنفذين يقول ان قانون «من اين لك هذا» قد يساء استعماله، لتصفية الحسابات السياسية، والانتقام من الخصوم، وهذا كلام مردود ومرفوض، لان هناك الف ضمانة بعدم تحويل القانون الى اداة للتصفية السياسية، واليوم يقال بصوت مرتفع للحكومة الحالية واللاحقة، وللمرشحين ان على الجميع ان يخرج ويقول لنا ما الذي سيتم فعله ازاء قانون «من اين لك هذا» بدلا من لعبة استبدال القانون بقوانين اخرى، او تعديلات قانونية.

دعونا ننتظر نهاية لهذه الاستغماية.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   ماهر أبو طير   جريدة الدستور