بشكل مفاجئ أعلن العراق عن إغلاق حدوده مع الأردن، وهذا الإغلاق يتسبب بخسائر اقتصادية فادحة للطرفين الأردني والعراقي، في الوقت الذي يمنع فيه تدفق المسافرين بين البلدين، والأسباب خلف الإغلاق متنوعة.

العراقيون -وفقا لما يتسرب من مصادر عراقية- يقولون إن العراقيين في مناطق الانبار يقومون بقطع الطريق، والاعتداء على المسافرين، في ظل التمرد الجاري في مناطق الأنبار وغرب العراق، وهذا استلزم اغلاق الحدود لمنع الحركة على الطريق الدولي.

رئيس وزراء العراق نوري المالكي الذي يواجه تمرداً في المناطق السنية الاقرب الى الاردن، جاء الى عمان قبل فترة، في خطوة اعتبرت لصالح تحسين العلاقات الاردنية العراقية، وهي زيارة تمت في ذات يوم عقد القمة الخليجية في المنامة، وهو توقيت اعتبره مراقبون يصب باتجاه مساعي لاستقطاب عمان باتجاه محور آخر.

المالكي هدّد المتمردين مراراً في مناطق غرب العراق، والتراشق بتهمة الطائفية، كان عنوانا لكل الاطراف في العراق، غير ان المفاجأة كانت اغلاق الحدود مع الاردن، في الوقت الذي كان يجري فيه الحديث عن تصعيد ايجابي على مستوى العلاقات الاقتصادية والتصديروالاستيراد بين الاردن والعراق.

هناك من يعتقد ان سر اتجاه المالكي نحو عمان، يعود الى اعتقاده أن هناك علاقات ايجابية جدا تربط الاردن على المستوى العشائري والسياسي والامني والبرلماني مع نافذين في مناطق غرب العراق، وان الزيارة كانت تهدف اساسا للطلب من الاردن التدخل لدى قوى نافذة غرب العراق لوقف حالة التمرد في تلك المناطق.

بما ان هذا لم يجر لاعتبارات كثيرة، فقد جاء اغلاق الحدود في مرحلة ما، بمثابة تراجع تكتيكي عن المساعي لتحسين العلاقات الاردنية العراقية، بخاصة على الصعيد الاقتصادي، لأن الحدود المفتوحة عنوان لتدفق الصادرات والواردات.

خط النفط العراقي الذي يجري الحديث عنه عبر الاردن، له علاقة ايضا بالرغبة العراقية بتسكين المناطق السنية التي سيمر منها ذلك الخط، وهذا التسكين لن يتم ما لم يتدخل الاردن الذي له علاقات مع سياسيين ونواب عراقيين، وشيوخ عشائر، وقيادات في تنظيم الصحوة العراقية الذي كان فاعلا خلال فترة ما.

الاردن يراد له ان يكون مسانداً اطفائياً للازمة في غرب العراق، من اجل مصالحه وبالتالي بما يصب في ميزان نوري المالكي.

يذهب محللون الى الحديث عن مخاوف المالكي من سيناريو مطالبة السنة في غرب العراق بالانفصال كليا، على طريقة مطالبات الاكراد في الشمال، ومخاوف بغداد من هكذا قصة تتعلق بكون دعوة الانفصال قد تؤدي لاحقا الى اندماج كلي مع الاردن في وقت ما، او تحول «الكيان الانفصالي» الى عازل بين بغداد المالكي والبحرين الاحمروالمتوسط.

هذا يعني خنقا اقتصاديا وتسليم العراق لمخاطر منطقة مهددة بالحروب بأي لحظة اي الخليج العربي، وهي منطقة حافلة بالتقلبات.

من هذه الزاوية جاء المالكي ليقدم الإغراء الأكبر في وجه اي احتمال لسيناريو انفصال غرب العراق، عبر الحديث عن خط نفطي بكل اغراءاته يمرعبرغرب العراق الى الاردن، لأن مثل هذا الخط سيجبر الأردن على الوقوف في وجه اي مساع انفصالية في المناطق التي تجاور حدوده.

فسيفساء القصة العراقية الأردنية كبيرة ومعقدة، غير ان اغلاق الحدود يحمل اكثر من قرار إجرائي، وفي باطنه رسائل كثيرة يتم فكها بوسائل مختلفة، في زمن باتت فيه الازمات الداخلية في أي بلد تتوسع بتداعياتها الى دول الجوار.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   ماهر أبو طير   جريدة الدستور