عاد عمر محمود عثمان الملقب بأبي قتادة الى الاردن،بعد تفاهمات مع السلطات البريطانية،جعلته يقبل العودة طوعا الى عمان.

هذه التفاهمات لابد ان خلفها سلسلة من التفاصيل قد لاتتبدى علنا،وابوقتادة كان مساعدا لاسامة بن لادن،ومسؤولا عن القاعدة في اوروبا،وانهك البريطانيين خلال اثنى عشر عاما في ملاحقات قانونية وقضائية.

المعلومات تحدثت،امس،عن احتمال تكفيل «ابوقتادة» بعد ان تنتهي التحقيقات معه،بعد اسبوعين من الان وفقا لقرار توقيفه البارحة،والجهات الحكومية نفت نية التكفيل حاليا.

محاموه الغربيون الذين رافقوه قالوا انه لا سبب لسجنه حاليا لان القضايا التي يراد محاكمته عليها في الاردن،تمت تبرئة كل الاشخاص المتهمين فيها،وعلى هذا فلماذا يحاكم الرجل في عمان؟.

بعيداً عن القانوني نحو الامني،فأن المؤكد ان اي صفقة قد تتم مع ابي قتادة لن تنجح اذا ماقرر الرجل ان يمارس اي نشاطات سياسية او عسكرية في الاردن،وهذا ما سيتم قراءته في حال الافراج عنه لفترة مؤقتة-لاحقا- ستخضع للتقييم،ولاستكشاف اي ثغرات قد تستجد سرا او علنا.

اذا كانت هناك صفقة سرية،بين الرجل وبقية الاطراف،فالارجح ان يعتزل الرجل اي نشاطات ويبتعد عن الاضواء،التزاما بشروط الصفقة.

اصرار التيار السلفي الجهادي في الاردن على استقبال الرجل وتكريسه رمزا،سيؤدي الى تهديد اي ترتيبات غير معلنة بين الجهات الرسمية وابي قتادة ولندن،وهي ترتيبات قد يكون متفقا عليها،شريطة التزام الرجل لبيته،والابتعاد عن اي نشاطات في الاردن.

الاردن لن يحتمل منح التيار السلفي الجهادي رمزا كبيرا مثل ابي قتادة،بحيث يتنشط التيار في الاردن،بعد وصول شخص كان على صلة بابن لادن مباشرة،والسعي الانتحاري لتكريس الرجل رمزا قد ينسف اي ترتيبات سرية.

من جهة اخرى فإن وجود ابي قتادة في السجن سيجعله رمزا كبيرا وسيمد السلفيين الجهاديين بالقوة لوجود زعيم ميداني من زعمائهم في السجن،وقد يتفوق في تأثيره على «عبد شحادة « الملقب ابو محمد الطحاوي المسجون حاليا،ولهذا قد لايكون من مصلحة الاردن سجنه،والسجن يزيد من تعقيدات المشهد،فوق كلفة المواجهة الامنية مع القاعدة في الاردن.

الاغلب هنا ان تتجه كل الاطراف الى صفقة سرية عنوانها تكفيل الرجل او اطلاق سراحه وتبرئته لاحقا،شريطة ان يترك العمل السياسي والعسكري،ويبتعد عن تيار السلفيين الجهاديين،كليا،بحيث يعيش حياته بعيدا عن اي نشاطات،حاليا ومستقبلا.

بدون هذه الصفقة ،لن يتم الافراج بالتأكيد عن ابي قتادة،لان الافراج عنه بلا شروط او ترتيبات سرية،سيؤدي الى نقل مشكلة لندن الى عمان،وسيؤدي في ظل تعقيدات الملف السوري،وعلاقة السلفيين الجهاديين بهذا الملف،الى زيادة رقعة نشاطات هذا التنظيم،فوق رمزية الرجل التي تأتي في توقيت قد تكون فيه السلفية الجهادية بأمس الحاجة فيها الى شخصية كانت على صلة مباشرة مع ابن لادن،وحظيت بشهرة اعلامية وملاحقات قضائية وسياسية،زادت من لمعانها وتكريسها في نظر التيار وجماعته.

من الادلة على وجود صفقة سرية،نية عائلته العودة من لندن الى عمان،ولو كانت عودة ابي قتادة تحمل عنوانا عقابيا في المطلق لفضلت عائلته البقاء بعيدا وبناء على رغبته ايضا،حماية لعائلته من اي ظروف صعبة.

الارجح ان هناك صفقة سرية،وهي صفقة ستفسد في احدى حالتين،الاولى خروج ابي قتادة عن شروطها غير المعلنة،وثانيها تحرك القاعدة في الاردن بطريقة غير صحيحة لاستدراج الرجل نحو منصة الزعامة.

كلمة السر في اي صفقة سرية هي اشهار الطلاق بين ابي قتادة والسلفيين الجهاديين في الاردن،ولربما آن الاوان للرجل ان يريح ويستريح.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   ماهر أبو طير   جريدة الدستور