مؤسف جدا رفع صورة الرئيس المصري محمد مرسي على المسجد الاقصى،امس، باسم القدس والمقدسيين والفلسطينيين،الذين لا ينقصهم هم جديد فوق همومهم،التي تبدأ بالتهديدات للمسجد الاقصى، وتمتد الى قطاع غزة، وما يواجهه على خلفية الانقلاب العسكري في مصر.

هل يمتلك الشعب الفلسطيني ترف الغرق في وحل أزمة عربية جديدة، وماعلاقة المسجد الاقصى بالرئيس المصري، الذي لاحرره من أسره، ولا يصح توظيفه في معركة داخلية في مصر،مع اقرارنا ان ماحدث في مصر كان انقلابا عسكريا،والرئيس المعزول تم غدره علنا،لتبقى كل الازمة في نهاية المطاف مصرية،ولايصح سحب اثارها على فلسطين،من القدس الى غزة،ومابينهما من ضفة غربية؟.

الذين رفعوا صورة الرئيس مرسي على المسجد الاقصى، يفتقدون الى البصيرة السياسية، لان هذا الموقف سيرتد سلبا على اهل غزة،الذين لم يسلموا من انتقامات وحصارات الحكم المصري البائد في عهد مبارك،ولا من قسوة المؤسسة الامنية والعسكرية في مصر في مراحل مختلفة، والذين رفعوا صورته،أضروا بالشعب الفلسطيني الذي يواجه كراهية من اتجاهات مصرية محددة.

هي نفس اللعنة التي نراها دائما، وسببها إما -العنتريات الزائفة- لبعض الفصائل،او بتخطيط مسبق من الاحتلال عبر بعض ادواته لحشد الكراهية ضد الفلسطينيين في كل مكان،وقد رأينا هذه الاخطاء الفادحة في مراحل مختلفة في لبنان والكويت والعراق وسورية ومصر.

كأن أحدا لايتعلم، لا من كلف رفع صورة صدام حسين في الضفة الغربية، ذات يوم، وما حملته الكويت من مشاعر ضد الفلسطينيين على خلفية هذا الموقف، ودفع الفلسطيني للثمن في الكويت والعراق في مراحل مختلفة،وهو ذات الثمن الذي دفعه الفلسطيني في سورية على خلفية المحنة السورية، والثمن الذي سيدفعه اذا سقط النظام، أو صمد في أزمته، كما الاثمان الاخرى في لبنان وغيرها، لان خصومة الفلسطيني باتت منتجا يتم انتاجه في كل المراحل.

القدس والمقدسيون في احوج حالاتهم لدعم العرب، والزج بالقدس في صراع سياسي عربي في بلد عربي مراهقة كبيرة،لايخاف اصحابها،الله عز وجل،فهذا بيت من بيوت الله، لايصح اصلا رفع صورة لاي زعيم عربي عليه، مهما بلغ قدره، وقد كان الاولى عدم تحويله الى مرسم يرفع صور الزعماء، ولو كان هناك قائد يستحق ان يتم رفع رسمه عليه، لكان صلاح الدين الايوبي الذي حرره ذات يوم، وهو امر لم يحصل بطبيعة الحال.

ماعلاقة الاقصى بالانقلاب العسكري في مصر، حتى يتم توظيف المسجد والقدس في صراع عربي على السلطة، والى متى سيتم اللعب بالمقدس الديني والشعب الذي تحت الاحتلال في الصراعات العربية، وهل الذين رفعوا صورته بذريعة مساندته، حسبوا حسابا لفواتير الانتقام التي سنراها ضد اهل غزة وضد الفلسطينيين عموما في مصر، من جانب «الدولة العميقة» الاكثر ثباتا حتى الان، والاكثر نفوذا، وهو انتقام سيتبدى في اجراءات سيئة، فوق الاجراءات التي نراها هذه الايام.؟

الذهنية العربية طرفية،ولاتتقبل التحليل الحيادي،وكل ما تؤمن به،اما ان تكون مع مرسي، واما ان تكون ضده، ولا تقبل هذه الذهنية ان تقول ان ما جرى في مصر كان انقلابا عسكريا وان الرئيس تم عزله زورا وبهتانا وفي ذات الوقت لا تقبل زج فلسطين والاقصى والقدس في هذا الصراع، والذي يعتبرك مع مرسي يفترض ان تقبل كل التصرفات الخاطئة بذريعة الدفاع عن مرسي من رفع صورته على الاقصى، وصولا الى اعلان النفير العام في الاردن نصرة لمرسي.

الشخصية المصرية الاكثر حساسية لهويتها بين العرب، والمصري يحتمل كل شيء، عدا تدخلك طرفا في ازماته، والذين قاموا بتوظيف الاقصى والقدس وادخالهما طرفا يصطف مع الرئيس مرسي، ارتكبوا خطيئة كبيرة ضد الفلسطينيين، ولعل السؤال الذي يطرح نفسه حول حق هؤلاء في توظيف المسجد الاسير في صراع عربي،يبقى مطروحا بقوة امام هول المشهد وسوء الحسابات،والخبث الخفي لزج الفلسطينيين في معركة عربية جديدة،يراد منها الانتقام من غزة وحماس وخنقهما من باب رد الفعل.

مسكينة فلسطين،التي يتم توظيفها في كل شقاق العرب ونفاقهم، ومذابحهم غير المقدسة،على يد نفر ينفذ اجندات غير نظيفة، او على يد من حسنت نواياهم، ولايقول لك احد حتى اليوم،هل حرر الرئيس المعزول القدس حتى يتم رفع صورته على المسجد الاقصى،ام ان كل القصة استدعاء لمزيد من لعنات العرب ضد الفلسطينيين، في ارث يتم تعظيمه في كل الدول العربية يؤدي الى استعداء الفلسطيني، والانتقام منه في كل المراحل؟.

لم يتم رفع صورة الرئيس المعزول فوق مساجد القاهرة، من جانب انصاره، فبأي حق يتم رفع صورته على الاقصى، وتوظيف المسجد في صراع لا يبقي ولايذر، فالمسجد الاقصى ليس عضوا في تنظيم سياسي حتى يعلن موقفه من ازمة مصر، وعليكم ان ترحموا الشعب الفلسطيني من هذه الافخاخ التي يتم نصبها في كل الدول العربية المأزّمة.

الفلسطينيون خبروا لعنات عربية كثيرة، غير انهم هذه المرة امام لعنة مقدسة يتم انتاجها ظلما باسم المسجد الاقصى، اذا يقال للملايين المصرية التي وقفت ضد مرسي، ان المسجد الاقصى وأهله ضدكم.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   ماهر أبو طير   جريدة الدستور