تغرق عمان في الإشاعات،حول الاسم الذي سيتم تعيينه أميناً للعاصمة،وعمان باتت معتادة على الغرق،في مشاكل مرورها وسياراتها،او في أمطار شتائها،وفي حالات جراء تردي الخدمات لاعتبارات كثيرة.

منصب امين عمان يثير ضجة كبيرة،وبرغم ان للمنصب ظلا سياسيا،الا انه ايضا يبقى منصبا فنيا بحاجة الى خبرات في مجالات كثيرة،لان التعامل هنا مع القضايا البلدية والخدمات والتنظيم.

الظل السياسي للمنصب يعود الى كون المنصب رفيع الدرجات،ولأن هذه هي العاصمة من جهة اخرى،ولان التعيين يحمل تعميدا سياسيا يفوق مغزى الانتخاب،ولان المنصب بطبيعته كساب وهاب.

لا يمكن هنا ان نصدق ان الدولة ستسمح يوما ما،بانتخاب الامين،وترك الموقع لحسابات المال ،هذا على الرغم من ان الانتخاب يجري في مواقع اخرى اكثر اهمية،مثل النيابة،ورئاسة النواب،وحتى اعضاء مجلس الامانة.

يتم تداول أسماء مسؤولين لموقع الامين،وهناك اسماء تسعى بكل نفوذها من اجل الحصول على الموقع،واسماء اخرى ُتوّسط نافذين كي يفوزوا بالجمل وما حمل،ولايخلو الامر من تناقضات بين المؤسسات المختلفة حول من سيكون امين العاصمة في هذه الفترة بالذات؟.

ما دمنا نتحدث عن «الجمل وما حمل» فأن موقع امين عمان ليس سهلا،اذ ان المتسابقين للفوز بالمنصب،يعرفون مسبقا ان امامهم تركة ثقيلة جدا،لامانة مدينة بأكثر من ثلاثمائة وعشرين مليون دينار،بما في ذلك قيمة الاستملاكات،ومقابل هذه المديونية هناك مستحقات للامانة عند الحكومة والناس تصل الى ثلاثمائة مليون دينار ايضا،غير المشاكل المالية الاخرى.

الارقام تقول ان الفرق محدود بين المديونية والذمم،غير ان هذا لا ينفي صعوبة وضع امانة عمان ماليا،فهي تزحف على بطنها هذه الايام،وتتراجع خدماتها تحت وطأة الديون وقلة السيولة وسياسات التوظيف الاغراقية.

موقع الامين ليس مغنما لاعتبارات كثيرة،وأغلبنا يقبل بالمسؤولية حتى لو كان إبحاراً بقارب يوشك على الغرق في بحر هائج.

من اخطرمشاكل الامانة،الشللية،اذ اننا امام امانة غير ُموّحدة،وهناك اجنحة وجماعات،تتصارع بالوكالة نيابة عن آخرين،وهم يرهقون اي امين ،تحت عناوين مختلفة،من تسريب الاخبار مروراً بمطالبات لتحسين الاوضاع المالية،فالامانة في بناها الداخلية لم تعد تلك الامانة التي عرفناها في عهود سابقة،حين اتسمت بالانتعاش المالي،وبوحدة الطواقم تحت عنوان وظيفي.

قضايا الفساد التي عصفت بالامانة ليست سهلة،وبرغم ان بعضها تم اشهاره من جانب الحكومة او الامانة على السطح،الا ان المؤكد ان هناك الاف الحكايات الصغيرة والكبيرة بقيت بعيدة عن الاعين،فهذه مؤسسة خدماتية مؤهلة بسبب طبيعة دورها ان يسترزق بعض من فيها،على حسابها،وهذا يفرض من جهة اخرى ادارة سلطوية ذات قوة نافذة لتنظيف الامانة ايضا من مفاسدها.

في كل الحالات فان التأخر في تعيين امين عمان،يزيد من الكلف على الاسم الذي سيتم تعيينه لاحقا،لان كل الانظار مفتوحة،وستتنزل التساؤلات لاحقا حول مغزى تعيينه بعد هذا الصبر،وهذا يفرض على الحكومة التنبه لمعايير الاختيار،خصوصا،ان قراءة الاسم ستخضع لقراءات سياسية وفنية،ولقدرته على التعامل مع كل ملفات الامانة؟.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   ماهر أبو طير   جريدة الدستور