أقرأ عنوان المقال أو الكتاب أو القصّة فيعجبني وما إن أشرع في مقدمته حتّى يصيبني الإشمئزاز وأرميه بعيداً رغم جودة موضوعه بسبب ما يحويه من المصائب الفادحة في اللغة العربية ومازلتُ في مقدمة المنشور .
فيرفع الكاتبُ المنصوب وينصب المرفوع ويجرّ الفاعل ويرفع المجرور , والأعجب من ذلك أنْ يكون المؤلف أو الكاتب حاصلاً على شهادة الماجستير أو الدكتوراه , والأسوء من هذا أن تكون شهادته تلك في علوم الشريعة !!! فهلاّ درستَ لغة القرآن يا هذا قبل أن تتصّدر للكتابة والتأليف ؟؟
وكم أضجر ويصيبني الغثيان من خطيب الجمعة المفوّه وهو يخرج علينا بفتوحاتٍ في اللغة لم يسبقه إليها لا الخلف ولا السلف ولو سمعه "ظالم بن عمرو الدؤلي " لانتحر من شناعة قوله وعظيم جرمه في حقّ اللغة .
والأمر لا يشمل خطيب الجمعة فحسب بل يتعدّاه إلى جميع وسائل الاعلام من تلفازٍ وصحافةٍ واذاعة فيخرج علينا أصحاب البرامج بلغةٍ ما عرفت العرب شبيهاً لها , والأنكر من ذلك زعماء الأمّة العربية وقادتها فهؤلاء لهم مع اللغة العربية طرائف تُسمّى " المضحك المبكي "
أمّا مواقع التواصل الاجتماعي والإيملات فحدّث عنها ولا حرج ففيها ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب ناطق بالعربية من فظائع ما يكتبون وهول ما يظلمون هذه اللغة العظيمة !!!
وكم يشتعل صدي ناراً وقهراً عندما أشاهد روّاد الفيس بوك والتويتر يتفاخرون بكتابة اللغة العربية بأحرف انجليزية وياليتهم ما كتبوها ويا لسوء ما اقترفت أيديهم أن يكتبوا لغة القرآن بأحرف لغة أعدائهم .
ما الخلل الذي أصاب قومنا وماهو الداء الذي نزل بهم حتّى خلعوا عنهم ثوب العروبة قولاً وفعلاً وهل يستقيم القرآنُ على لسان من يلحن بالعربية ؟؟! إنّه لعمري داءٌ عضال ومصابٌ جلل يحتاج لوقفةٍ طويلة وعلاجه والله يحتاج إلى عشرات السنين حتّى نعيد ما أفسدت تلك العولمة البغيضة .
إنّك اليوم لتعجب حتّى ممّن أتقن اللغة وأبدع فيها بل وصل إلى درجة الشعراء والأدباء فهو يغفل عن ضرورة المدّة والشدّة والهمزة والحركات ويكتب غير آبهٍ لمن يقرأ بعده فكم من حركة غيّرت المعنى وكم من شدّة قلبت المبنى , فإن كان هذا حال المثقف الفطن في اللغة فما هو حال الجاهل بها المغترب عنها ؟؟
يُروى أنّ محمود الزعبي رئيس وزراء سوريا الراحل قال في احدى خطبه العصماء " إنّ الحكومةٌ " بضم تاء الحكومة بدل نصبها , فسأله أحدهم وكان حازقاً لماذا رفعتم تاء الحكومة مع أنّ " إنّ" تنصب ما بعدها؟ فأجاب الحذق الفطن !! حتى لا يقولوا أنّ الحكومة " نصّابة " !!!!
نسأل الله أن يعيد أهل هذه اللغة إليها ويشملهم بكريم عفوه ويغفر لهم سوء بعدهم عنها ...
المراجع
رابطة أدباء الشام
التصانيف
شعر شعراء أدب