في كل دول الدنيا،يتم ترك قطاع او قطاعين،لايتم مسهما،لاجل الناس،وفي الاغلب يتم ترك قطاعي التعليم والصحة،باعتبارهما حقاً للناس من جهة،ومن باب المكافأة الاجتماعية من جهة اخرى.

عندنا لم يتم ترك قطاع واحد للناس،فالتعليم بات يدمر بيوتا كثيرة،والطالب ينفق في تعليمه مبالغ لا تقل عن عشرة الاف دينار للبكالوريوس ويصل المبلغ في حالات اخرى الى عشرين ألفا وثلاثين ألفا،اذا حسبنا الرسوم والمصاريف وغير ذلك.

يتخرج الشاب أو الصبية ويبحثان عن وظيفة بمائتي دينار شهريا،بمعنى استعادة المبلغ الذي تم انفاقه،بالتقسيط القاتل،عبر رواتب تافهة،على مدى العمر،دون زواج أو حياة أو أمل.

الخدمات الصحية تتراجع بالمقابل،مستوى العلاج،نوعيات الادوية،المواعيد،الضغط على الخدمات،من يحصل على علاج ومن لايحصل،والشكوى من القطاع الصحي مُرّة جدا،وتصل الى حد مؤلم؟.

اذا كان الانسان في الاردن،لا يعيش كما يجب،حياته صعبة،تعليمه صعب،علاجه صعب،فأي امل هو للناس في هذه الحياة،لماذا يعيش المرء اذن في هذه الحالة،ليأكل ويشرب،ويعد اياما فقط دون أمل او هدف؟.

مشروع سكن كريم الذي تم طرحه وأعطى أملا للناس،سرعان ماتبدد تحت وطأة قضايا كثيرة،وحلم امتلاك شقة،بات بحاجة الى معجزة،والاردني اليوم لايجد شقة للايجار،لان العرب رفعوا الايجارات،وايجار كل بيت قفز الى الضعف،لا..بيت نملكه،ولاتريدون حتى ان نبقى في شققنا المستأجرة،فماذا تريدون منا بعد ذلك؟.

سابقا طرحت فكرة مهمة وأُعيد طرحها،هناك ملايين الدونمات في البلد،فارغة،دون سكان ودون حياة،ولابد من طرح مشروع لتوزيع ارض الدولة على الناس،دونم لكل مواطن،في منطقته،او اقرب منطقة لمنطقته.

لابأس من تنظيم المناطق غير المنظمة وفرز الارض عبر مشروع فاعل،وغير بطيء،وتوزيع الارض بطريقة عادلة،للعاملين المدنيين والعسكريين،والمتقاعدين،وكل المواطنين ايضا.

لن يمانع المواطن ان يدفع الف دينار،مثلا،ليس اكثر،مقابل هذا الدونم،لايصال الكهرباء والماء والطرق،وهذا يعني ان المواطن سيصير على صلة بالحياة،لان له ارضا،سيبني عليها،خصوصا،اذا تم وضع معايير جمالية للبناء،لاتجعله مكلفا،ولاتجعله عشوائيا.

توزيع الارض على الناس بديل مناسب جدا لكل هذه الخسائر في مزايا حياتنا،التعليم والصحة،ثم مانراه من فقر وبطالة،وهو مشروع كفيل بالتخفيف من اثار انقلاب البلد اقتصاديا لصالح ايجارات جنونية،بحيث بات الاردني يطالب بالنزوح الى مخيم الزعتري،من باب السخرية المُرّة.

مالذي يمنع اطلاق هكذا مشروع،الذي سيؤدي خلال فترة قصيرة جدا،الى ثورة عمرانية في البلد،وسوف تتصل المحافظات ببعضها البعض مثل السلط وعمان والكرك والزرقاء،والمحافظات التي لا توجد بها الا ملكيات قليلة للدولة،يمكن توزيعها،ثم منح الناس،في المناطق الاقرب.

سيقبل الناس حظهم في توزيع الارض،مادامت هناك عدالة على الجميع،دون واسطات وعبث بهذه القسمة،فالثقة مفتاح المشروع.

حين يقولون لنا ان الوضع الاقتصادي للخزينة سيىء،نصدقهم،لكننا نسألهم عن الخطط الموازية للتخفيف عن الانسان الاردني،فلا تسمع الا شعارات جميلة،وقد نقبل الغلاء وكل هذه الاختلالات،لكن اعطوا شعبنا شيئا ليشعر انه تحت هذه الشمس ما يستحق الحياة.

نزيد من الشعر بيتا ونقول:الاف الافراد سوف يبنون فورا،خصوصا،اذا ارتبط هذا المشروع بالمبالغ المالية التي قد يأخذها العسكري والمدني كبدل اسكان،كما ان القطاع الخاص سوف يستفيد،لان العمران سيبدأ ولان كل القطاعات سوف تتحرك في ذات اللحظة.

مشكلة الواجهات العشائرية سيتم حلها فورا ايضا عبر هذا المشروع حين يتم منح ابناء العشيرة ارضا في تلك الواجهة بالعدل والتساوي،وحين يكون العدل عنوانا على الجميع،فمن حق اي اردني آخر ان يأخذ ارضا في تلك المنطقة والواجهة،ولن يعترض لحظتها ابن اي عشيرة كريمة،لان العدل فوق الجميع.

حتى لا تقولوا لنا،لاحلول عندنا،وملايين الدونمات المفتوحة في الهواء،فمن حق الناس ان يحصلوا على حصتهم فيها،في هذا الزمن الصعب،عوضا،وتخفيفا،ومنحاً لامل في هذه الحياة،بدلا من حالة الاحباط التي تعم الجميع.

هذه ارض الناس،حتى وان سميناها ارض الدولة،لان الدولة تعني فعليا الشعب،ولا دولة بلا شعب.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   ماهر أبو طير   جريدة الدستور