حين كان يسألني واحد من أهل الكرامة خاصّة أو الغور عامّة وهو شايفني واقف عَ الشارع: وين رايح..؟؟ أقول له: على عمّان..،، لا أعلم لماذا يستغرب السائل ويقول لي: خير إن شا الله.. عسى ما شر.. أو إن شا الله ما فيه شي..،، مع إني سمعتُ حواراً بين اثنين من الأخوة هذا نصّه: قال الأول: رايح اليوم المسا على اليونان.. بدك شي من هناك..؟؟ قال الثاني: تروح وترجع بالسلامة..،، وتفارقا دون سلام أو تقبيل وحتى دون أن تُذكر كلمة "سفر" على لسان أيّ منهما..،،.
أمّا عندما ينوي واحد مثلي الذهاب إلى عمّان.. فإن أسئلة الأرض تَحْبَلُ "على دورو".. والسائلون يعتقدون أن عمّان لهذا البدويّ هي "سلّة التين" التي يقع فيها هذا "الهجين"..،،.. كثيرون أيها الأعزاء: يحسدونني على مكوثي في عمّان.. وكثيرون يرون إنني شخصيّة مُهمّة: فقط لأنني أتردّد على عمّان،، أكاد أفقع من الغيظ.. وأكاد أنشب أظافري في نعومة الطامعين بمكانتي..،،.
لا يعلمون.. إنني جئتُ إلى عمّان: لأنقل جراح الغور وسخرياته.. فإذا بي أتحوّل إلى جُرح جديد في عمّان..،، يحسبون أن عمّان تفرش لي ريش نعامها.. ولا يعلمون أن كنبايات عمّان أحالت جسدي إلى خشب،، يحسدونني على أكل عمّان وبوفيهاتها المفتوحة.. ولا يدركون أن رغيف السندوش الذي أشتريه في الكرامة بـ"خمسطعشر قرش" تبيعني إيّاه عمّان بـً"خمسة وثلاثين قرش"..،، لا أحد يشعر بحجم النَمْنَمَة والحكّة التي تصيبني كل أسبوع.. ولا أحد يعي غيابي عن أم وأب وأخوة وأتراب وتفاصيل لا تفارقني"..،، لا أحد يعلم ذلك وأكثر.. ومن أجل ماذا ؟؟ من أجل التجربة واللاشيء..،،.
عمّان.. شحططتني.. أدخلتني في دوّامة اللااستقرار.. واليوم الذي يمضي لا يمكن استبداله..،، عمّان.. لم تُعطني ما أريد كما يظنّ البعض..،، عمّان أمسكتني وجاءت بحبالها وربّطتني جيّداً وألقتني في بحر عذابها و طلبتْ منّي ألاّ أتأوّه أو أقول "أخّ" واحدة على الأقل،.
نعم أيّها الأعزّاء.. أعيش في شَحْطَطَة اسمها عمّان.. ولا أعلم متى تنتهي هذه الشَّحْطَطَة..؟؟ ولا أعلم متى سينتهي صبري..،،.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة كامل النصيرات جريدة الدستور