القصة عند المادح محاولة بريئة لخدمة الرؤيا ولأغناء تجسيد القص في إرساء فواخت التأمل نحو عالمه الضاج بنعيب الزمن الموحش في أحضان الواقع وفوق كثبان وخرائب الأزمنة المباحة!
فهو من خلال دلالية الحدث الذي يجلب انتباهه كقاص، وتعليق جوارحه الشاردة نحو ما يهمه من مجتمعه الذي تعج ُ به الأحداث الدامية من جهة، والمجاعة عند البعض وحراك الأنسنة البالية والعادات الوشيكة بالظلم من الجهة الأخرى !
عليه نجده يؤنسن تلك الحالات التي تولج في فكره المثقل بالهموم من جرائها، وتحويلها بشكل قاس ٍ من الأسئلة التي تلج ُ عليه وتجوس في كشف محاولاته الدرامية التي تؤثر على سير القص لديه!
وكأن المادح هنا يحاول أن يلامس من خلال سفره المتعب هذا، شغاف مجاله الذي يعكس علاقته الوطيدة والحميمة بالواقع الذي يعيشه .
فبتأمله للموجودات والحوادث في قصصه الصغيرة جداً وحكاياته التي تنم عن أحداث قد يراها القارئ بسيطة ومتوالية زمنية معهودة في كل مجتمعاتنا العربية، لما تحاكي السيرة الذاتية التي تنبعث منها رائحة الطفولة والحب، والحياة القاسية ، وما إليها !!
فالمادح في قصص مجموعته الصغيرة (( بقايا ضباب )) المطبوعة في شركة الغدير للطباعة والنشر – البصرة توحي إلى إنشداده نحو التمرد على الواقع الذي يعيش فيه مع مجتمعه الضاج بالحوادث، ويحاول تمييزها، وتحريك ذائقة المتلقي نحو المألوف في هذا المجتمع، إضافة إلى كونه قاص مبدع يحاول أن يتنفس من خلال قصصه نحو العالم الذي يراه مناسباً، ويكشف على تلك الإرهاصات والشوائب الزمنية المتراكمة في مجتمعنا، منذ تلك العصور المظلمة والسلاطين الذين اتخذوا في بناء أوكارهم وقصورهم بقايا من خبز الجياع والمحرومين والضعفاء!
فهو أذن يعلن احتجاجه بصرخاته المدوية هذه ويطلقها في عالمه ليكشف بها تلك المبهمات القاسية والتي تدمي مواطنيه في هذا المجتمع .
وهذا بنظري المتواضع يعد من الإبداع، حيث أنه يعتلي منصته في برجه العاجي، وينظر من خلاله إلى تلك الدلالات الواضحة والمنسية من قبل البعض ليكشفها ويرسمها بريشة الفنان المبدع المتبصر، ويعلن أحتاجه الصريح في تلك اللغة الدرامية السلسة التي تدخل ذائقة المتلقي دون عناء ولا تعب !
ففي جميع قصصه (( مداعبة ، جرس البايسكل، الخرساء، ضياع، كومة عشب متفحم )) وغيرها من القصص الأخرى إعلان عن خفي مخبوء أو بعيد عن أنظار الكثير من الناس التي لا تستطيع التعبير عنه لأسباب معينة أو عدم القدرة على التعبير كما لدى الأدباء والمتخصصين .
فالمادح أنسن تلك الدلالات والأحداث بهذه القصص المبدعة الذي يدعو المتلقي فيها إلى إيجاد الحلول القابلة للدخول إلى عوالم الخطاب والاحتجاج نحو النزعة الإصلاحية في مجتمعنا البائس الفقير !!
وأخيراً لا أريد التوغل في مجريات أحداث قصص هذه المجموعة، تاركاً المجال لذوي الاختصاص من الاعتلاء على منصة المادح ، والكشف عن المبهمات في قصصه، مميطا ً اللثام للقارئ الكريم الذي يبحث عن المعنى المخبوء تحت الركامات الزمنية البالية !!
المراجع
almothaqaf.com
التصانيف
شعر شعراء أدب مجتمع