لا ترحلْ.. كنتُ من أوائل من طالبوك بالرحيل والابتعاد عن ليبيا.. ولكن جدت في الأمور أموراً تجعلني «أترجاك» وأبوس يديك ألا ترحل.. قد تكون أنانيتي هي الدافع الوحيد لذلك، ولا يهم.. المهم يجب أن تبقى مهما كلف الأمر.
حكايتي معك بسيطة.. ولا تحتاج إلى شرح طويل.. عندي طربيزة بلاستيك.. وعندي ولد صغير اسمه غاندي.. عمره لا يتجاوز السنة والنصف.. تأخر بالكلام.. هكذا قالوا لي.. ولا يقول إلا كلمة واحدة فقط لا غير، هي «بابا».. حتى ماما لا يقولها.. ومنذ بدأت بقتل شعبك قبل شهرين.. وخطبتَ خطابك الشهير الي قلتَ فيه «زنقة زنقة»، لفتَ انتباهي أن ابني الصغير يقف مشدوهاً أمام التلفزيون يراقبك.. ويسرع إلى الطربيزة ويطلع فوقها وهو يرقص ويغني ويقول «زَقه زقه زقه زقه.. الخ».. ابني يلفظ الكلمة بطريقة تجعلني أحب ظهورك وترديدك للكلمة.. فلو كان في قمة صياحه وعصبيته، بمجرد أن نقول له «زنقه زنقة» يهدأ أسرع مما تتخيل ويتجه إلى التلفزيون ويعطينا إشارات وإيماءات بأنك يجب أن تظهر على الشاشة ويقول لي جمُلة مفيدة : «بابا، زَقة» يعني يا بابا أريد أن أرى القذافي وهو يقول زنقه زنقه.. وهذا استدعى أن أنقل «زنقه زنقه» إلى الموبايل كنوع من المُسكتات والمهدئات لطفلي الصغير.. بل نسختُك على «سي دي بامتدد إم بي ثري» وذلك احتياطاً لأي مشوار لي بالسيارة ومعي طفلي الصغير، فذات مرة كان معي في السيارة وكان يبكي يريد أن يخرج رأسه من الشباك، ولم يهدأ إلا بعد أن وعدته بالزنقه زنقه.
من أجل ذلك.. ومن أجل طفلي الصغير أرجوك لا ترحل.. اقتل شعبك كيفما تشاء، المهم يبقى طفلي الصغير يتسلى بك.. وإني لأعجب كيف لقاتل أطفال مثلك أن يكون مصدراً لسعادة أطفال آخرين كطفلي.
ولكن طفلي، سيكبر غداً.. وسيعرف أن زنقه زنقه التي يرقص على أنغامها الآن ما هي إلا تنويمة منك لكل أشكال الطفولة، ولكنها تنويمة للأبد.. أعتذر، فأنا مضطر لقطع كلامي، فطفلي الصغير يبكي الآن وها أنا أقوم لأشغل له زنقتك.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة كامل النصيرات جريدة الدستور