آه لو أعود رضيعاً أحبو على أربع ..
سأفعل أشياء كثيرة ..أكثر مما تتصورون ..سأحبو على التراب و البلاط ..سأمسك كل الأشياء التي تواجهني ..سأحاول أن أتذوّق طعمها بنفسي ..سأبكي ولا يعلم أحد سبب بكائي ..وسأضحك كثيراً و كلهم يعلمون لماذا أضحك ..؟
ولكنني سأبتعد عن قائمة طويلة من الأشياء ..سأحبو على الجريدة ولكنني لن أقرأ فيها حرفاً ..سأضع قدميّ على كلمة الفساد ولكنني لن أعرفه ..سأمسك الجريدة وأجعلكها بكل الاتجاهات وقد تتمزق في يديّ و أنا ألعب غير مكترث أن خبر الثورة المصريّة صارت فوق الخبر المخصص للثورة السوريّة ..وقد يتجعلك خبر مناشدة مواطن للحصول على تأمين صحي و يحط الخبر نفسه فوق إعلان لمستشفى استثماري جديد ؛ لا يقبل المرضى ..بل يقبل مرضى المصاري فقط .. | |
ما أجمل أن تكون رضيعاً تحبو على أربع .. | ستنتمي لعائلة ..ولكنك لن تكون مسؤولاً عنها .. | ستمسك رضاعتك و تشرب حليبك وعيناك للأعلى و أنت مبطوح على ظهرك و كل العالم يحترق من حولك وأنت لا تفكّر إلا بمعجزة الحليب فقط .. | | سيكون أبوك وأمك في حالة شجار دائم وهم يحسبون تكاليف ملابسك الجديدة التي لم يشتروها لك بعد وأنت تنظر إليهما و تغرق في نوم حلمك الوحيد فيه كيف تجعلك الجريدة أكثر من الأول .. | |
لو حبوتُ الآن على أربع – لا سمح الله – لتجعلكتُ أنا ..و لأخرجَ القوم ألسنتهم لي يستهزئون بي ولن يتعاطف مع قضيتي إلا من يريد أن يجرّب دموع التماسيح لمرّة واحدة .. | |
حين كنتُ طفلاً أحبو على أربع ..كنتُ أجعلك الجريدة و أنا والعالم الذي في الجريدة نضحك سويّاً ..أمّا الآن ..العالم كله يجعلكني ..و أنا وهو نبكي على بعضنا .. | |
هل من جعلكةٍ تعيد إليّ الضحك الذي كنتُ أعرف سببه .؟ |
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة كامل النصيرات جريدة الدستور
|