اشتقتُ لهذه الكلمة ..زمان ما سمعتها ..( غلوة) ..كان الناس يستخدمونها كل يوم ..كنتُ أسمعها عشرين مرّة في اليوم ..لكنها لم تكن وحدها ..كان كل واحد يستخدمها بطريقته و لكنها تؤدي إلى نفس المعنى .. نعم، لم تكن وحدها ؛ ثمة كلام آخر يسبقها ..( ما تاخذ معي غلوة ) ..

لم يعد أحد يستخدمها الآن ..لم يعد أحد يقول لأحد : موضوعك ما ياخذ معي غلوة .. حتى قبل أشهر قليلة سابقة كان هناك من يقول لآخر : ولك وطّي صوتك لتسمعك الحكومة ؛ والله ما بتوخذ معها غلوة ..

كانت الغلوة مشهورة إلى حد أن الكلام أيام الغلوة كان عليه ( جمرك ) ..أما الآن فكل الكلام بلا جمرك ..بإمكانك أن ( تشرّق و أن تغرّب ) بالكلام كما تشاء ؛ فليس هناك أي ضريبة على الكلام ..وليس هناك من سيهددك بالغلوة .. ولكنني أريد أن أذكّرك أن كل الكلام الآن عاد بلا طعم ..ليس لأن الكلام يجب أن يكون عليه جمرك أو ضريبة ..بل لأن الكلام ذاته أصغر من كل الأفواه فهو يخرج بلا عناء و دون أن يمر على القلب و العقل و الضمير .. أو لأن الكلام لم يعد قادراً على استفزاز الأذن ..فكل الكلام ( مارق ) عليها .. والأذن تبحث عن كلام تعشقه لأنها( تعشق قبل العين أحياناً ) ..

لا أطالب بإعادة الغلوة ..لأنها لم تكن موجودة بالأصل ..وكل من كان يدّعيها كان ( عرّاطاً و خرّاطاً ) ..ولكنني أطالب الجميع أن يشفقوا على أُذنيّ ..فلستُ أملك إلا أن أسمع ..ولو كان تشغيل الأُذنين على ( كبسات ) لكنتُ أوّل من عمل ( أوف) حتى يمرّ كل هذا الكلام الذي لم يعد يقوى على الكلام الحقيقي ..

ملاحظة : هذه المقالة أخذت معي أكثر من غلوة ..و هي ليست بلا جمرك ..لأنها ليست ثرثرة ..


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   كامل النصيرات   جريدة الدستور