كلنا نحاول أن نتطاول ..حتى الأطفال ببراءتهم يحاولون أن يتطاولوا على كل شيء ..يقنعونك بصراخهم وصياحهم أنهم يريدون أن يدخلوا لعبة الحياة معك ..و قد يكون الأطفال أقل البشر ضرراً من التطاول ..

ولكن الذين يرسمون تطاولهم عبر مكبرات الصوت ..وعبر امتلاكهم للحقيقة ..وعبر هندامهم الذي لم يلبسوه للآن بشكل سليم ..وعبر حشر أنفسهم في كل خرم إبرة وبين البصلة و قشرتها ..والذين يحاولون إقناعك إنهم يفهمون بكل شيء ..هم يتطاولون على لعبتهم و على حدودهم ..بل إنهم يتطاولون على حقّك في أن تفكّر بحريّة ..وأن تتنفس بحريّة ..لا يتعاملون معك باعتبارك ( قلباً و عقلاً ) بل ينظرون إليك دائماً باعتبارك ( جماداً ) و جاهزاً دائماً لاستقبال عبقرياتهم ..ودائما يقودونك من هزيمة صغيرة إلى هزيمة أكبر ..ويقنعونك بعدها أيضاً بأن الهزيمة انتصار ..وإذا ما اعترفوا بالهزيمة فإنهم لا يعترفون بأنفسهم كصانعين لها ..بل إن الهزيمة منك لأنك لم تتعاطى مع عبقريتهم كما يجب ..أو أنك لم تكن ( مُركِّزاً) معم كما يجب ..أو أن الهزيمة جاءت قضاءً و قدراً ..أو أن ملابسهم الداخلية كانت أضيق عليهم فلم يكونوا يتحركون بسهولة .. المهم كل الهزيمة من كل شيء إلا هم ..لأنهم اعتادوا على التطاول ..

و التطاول يا سادة يا كرام ..ليس جديداً على العربي ..بل هو من ثقافته و سلوكياته ..و التي يسميها فخراً و فشخرة ( هيبة و بطولة ) ..لذا كلنا متطاولون ..اسألوا زوجاتكم كيف تتطاولون عليهن و على حقوقهنّ .. واسألوا المسؤولين كيف يتطاولون عليكم ..واسألوا بلادنا العربيّة كلها دون استثناء كيف يتطاول كل شيء على كل شيء ..

أيها السادة : التطاول فيه محاولة لاستعراض الطول ..ولكننا و مع كل تفاصيل تطاولنا و محاولاتنا منذ أول هزيمة فإننا أقزام أقزام أقزام ..


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   كامل النصيرات   جريدة الدستور