كأنها أمس .. قبل عشر سنوات بالتمام والهزيمة ..سقطت بغداد .. كنتُ أفرّك عيوني على أول احتلال في تاريخ الزمن ببثٍّ مباشر .. بغداد التي ادعى العرب طويلاً وكثيراً أنها ( حاضرة الخلافة الإسلامية ) ..سلّمت نفسها للمحتل و العربُ حولها يطبلون و يرقصون ( شاطرة شاطرة يا بنت ) ..

كنتُ أعزب لم أتزوج بعد ..ضربتُ نفسي لحظتها بألف حائط ..وسكبتُ دموعاً ما زالت آثارها على خدودي للآن ..و أحسستُ لأول مرّة بأنني ( محض دجّال) ضحك على الجماهير بالنصر والمقاومة ..

ألقيتُ يومها أسلحتي ..واستقلتُ من جميع مناصبي ( النضالية ) ..استقلتُ من الأحزاب و من الشعر ..وقررتُ صنع سلاحي الجديد ..السلاح الذي سأحطّم فيه أصناماً وأبني فيه قرىً و مدائن ..فكانت السخرية سلاحي الذي أناضل به وحدي على كل الجبهات المرئية والمقروءة والمسموعة ..

ومع صنع هذا السلاح ..قررتُ الزواج ..و الالتحاق بركب (حَمَلَة دفتر العائلة ) وأن أملأ خانات الأولاد ما استطعت ..فكانت ابنتي ( بغداد ) البطن الأول والمولودة التي جاءت ناهضة لتعوضني عن احتلالٍ لبغداد ما زال مرّاً في فمي ..

عشر سنوات، تحوّلت فيها أشياء كثيرة؛بل تغيّر التاريخ وقبل أن يتغيّر رمى دفتره وأخذ دفتراً جديداً وغيّر نوع و لون القلم وبدأ يكتب بطقوس مختلفة ..

عشر سنوات ..سقطت الجيوش والأحزاب ..ونهضت الشعوب فأسقطت بدلاً من بغداد كل الذي ترونه الآن وسط الربيع ..

بغداد اللعنة التي بعد أن سقطت ؛نهضت الحريّة وما زالت تلعب لعبتها الكبرى في البقاء كأنثى جميلة ترفض أن يمسها أحد ..


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   كامل النصيرات   جريدة الدستور