ذاتَ بؤس ..وفي الغور ؛ كالعادة أيضاً ..أعطى أحدُهم حبّةَ ( قطايف ) لفقيرٍ من فقراء قريتي الكرامة .. رأيتُه وقد حطّ الحبّة فوق ورقة جريدة ..وأخذ يركض باتجاه المخبز ..أنا قريب من المشهد ..اشترى رغيفاً بالدَّيْن بقرشين ( أيّامَها ) ..فتح الرغيف بلهفة الغائب عن الوعي ..دَهَكَ حبّة القطايف على امتداد مساحة الرغيف ..ولفّهُ بورقة الجريدة نفسها..وهات يا شَمْطْ..
| شَمَطَ الرغيف بأقلّ من دقيقة ..وأنا فاتح ( أُثْمي/تِمّي/ فَمي/بُقّي/شْدوقي عَ الآخِر ) من هول المشهد الذي تخزّن بذاكرتي ولن يخرج إلاّ بالموت وفقدان الذاكرة .. | |
وذات دَلعٍ مدرسي ..وحين كنتُ في الإعدادي ..كان ( عدنان ) والذي يصغرني بـِ ( صفّ ) ..دلّوعاً ؛ وفي قول آخر ..كان مايص ..وكل برادة العالم واقعة عليه ..يمشي ويتطعّج..فاقتنعتُ أنّ هذا ( السِّلْكْ ) البشري لن يتعدّل..أُسوةً بذيل الكلب .. | | ورغم ذاك..فقد كان ابن نِعمة ( مِشْ اسم أُمّه ) .. | |
المُشكلة ..ليست في رؤيتنا لعدنان..بل..في رؤيتهم هُمْ لنا .. | | فنحن لم نكن نعرف الحقد الطَبَقي ..إلاّ..عندما زَرَعوه فينا ..زرعوه ببراءة طفولتهم ..ونَبَتَ فينا ببراءة طفولتنا .. | | فقد كانوا يترفّعون حتى عن ( مَقْصَفنا ) المدرسي ..ويحتقرون ( سندوشنا و بوشارنا و شعر بناتنا) ..حتى وصل احتقارهم للعلكة ..آه والله..كانوا يحتقرون عِلْكتنا.. | | |
ذات بؤس آخر ..وجدتُ عدنان ..في الفورصة أيضاً ..ولكنه كان يحمل بين يديه ( نُصْ سندوش ) .. | | آه والله .. | | كل تفاصيلي ارتعدت فرحاً ..قلتُ له : أخيراً يا عدنان ..هَيَّكْ زَيْنا ( تاكِلْ ) سندوش .. | | ركض نحوي كالملسوع ..فتح نُصْ السندوش ..وقال لي : تَعْ اتْفَرّجْ .. | | وتَفرّجْتُ ..وجدتُ النُّصْ مليئاً بالشوقالاطة فقط .. | | ويلعن عرظ الشوقالاطة ... | | |
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة كامل النصيرات جريدة الدستور
|