خسارة كبرى ..المثقفون الأردنيون يطالبون وزارة الثقافة بالالتفات إليهم ..وهم لا يلتفتون إلى بعضهم ..في أول أمسية عن ( عاطف الفراية ) بعد رحيله ..غاب أصدقاؤه الذين كانوا ( يتبكبكون) عليه ..غاب المقرّبون منه و البعيدون الذين ادعوا حبه..غاب الذين ما زالوا يحتفظون بمحارم الفاين في جيوبهم للبكاء الكاذب على مثقف راحل آخر بعد قليل..طبعاً كلهم مغذورون بذات اللحظة و بذات الصدفة ..حضر من الآلاف الذي ادّعوا بكاءه ؛ فقط ( 25 ) .... هزلت الثقافة ..إذا لم يخالط الثقافة بعض الوفاء ..

مأزق المثقفين الأردنيين ليس بالوزارة ..فوزارة الثقافة هي نتاج طبيعي لنتاجهم ..ونتاجهم هنا ؛ ليس الأدبي أو الفكري ..بل السلوكي ..فالمثقف الأردني (متعال ؛ متعجرف؛ واهم ) يعيش في عقدة النقص الكبيرة التي لم يستطع طمسها أو التغلب عليها .. طبعاً لستُ بحاجة إلى التأكيد بأنني لا أعمّم بل أُغلّب..

لو كان المثقف الأردني منتمياً انتماء حقيقياً لابداعه ..لتشابك مع إبداع غيره ..لكنه يرى دائماً أن إبداع الآخرين هو ما يدور في فلك إبداعه ..وأنه أهم بكثير من فلان و علاّن ..وفلان وعلان ..لا يقلّان رؤية سيئة عنه ..وكلنا نبحث عن الحل ولكننا غير مستعدين للجلوس ساعة واحدة فقط لتشخيص المرض ..

نحن نبلع آلاف الأدوية ..ولا نعلم ما حالتنا ..أخذنا ملايين الإبر ..ولا نعلم هل هي للتهدئة أم للوز أم للكحة ..وإبر التخدير التي تسبق العملية لم نستعملها بعد ؛ لأننا لم نتفق على العمليّة الجراحيّة ..فكّل مثقف أردني طبيب زمانه ؛ تشخيصه يختلف عن تشخيص الآخر ..

المثقف الأردني يموت ..لأنه لا يعرف كيف يعيش ..ولأنه أراد يكون وحده ..ومن حوله الذي يصفّقون .. ما أفشلنا ..لأننا لما نصل لذواتنا بعد ..


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   كامل النصيرات   جريدة الدستور