غرة رمضان ، شهر ولا كل المسميات ، فيه يرتفع منسوب التقوى وفيه يرتفع منسوب الغضب ، يعلو الورع ويعلو الصراخ وتصبح مساحات التسامح بين الليل والنهار كما المسافة بين الارض والسماء ، ابتسامات ما قبل التراويح وصراخ وغضب وازمة خانقة بعد العصر.
رمضان شهر الجهاد والفتوحات والعمل المنتج ينقلب الى شهر للكسل والتثاؤب والتبرم وانتظار مسلسل اعد بالتخصص في وقت صلاة التراويح.
وثمة سيدة او رجل يمارس طقسا مهولا في اعداد الاطباق والحلويات والمشروبات على الفضاء دون حرمة لفقر او احترام لدخل موظف او احترام لطفل صائم كثير التطلب بما لا تحتمله جيب الاب.
اذكر قديما حين كان رمضان عصير قمر الدين وربطة فجل ومجموعة متناسقة من بصل اخضر وضمة نعنع وبقدونس وكتيبة من حبات القطايف يقال انها محشوة بالمكسرات رغم ان الغلبة لـ"جوز الهند" والسكر وبعض قطع من "عين الجمل" واطباق كثيرة اغلبها من الجيران الذين كانوا يتناولون كلهم نفس الاطباق بحكم الجيرة وحلاوتها.
كان صحن السلطة ما يميز رمضان وموائده وليس كل هذه الاسماء التي نسمعها من "شيف الفضائيات".
لم يكن هناك شيوخ الفضائيات والاسئلة الباهتة التي توحي بان رمضان فرض على المسلمين في التو واللحظة ، لم يكن هناك من يمارس الفتوى دون رادع او رمشة عين.
رمضان كان مليئا بالتقوى والخير والجيرة والدعاء بأن ينصر الله الاسلام والمسلمين ، لا ادعية بان تمر خرائط الطرق بامان ، وان تتعطل آلية الحفر في المستوطنات.
لم يكن هناك مسلسل تلاحقه الايدي على محركات البحث طوال سهرة طويلة تنتهي باغفاءة على "سجلونة" يحتكرها الزوج والاب طوال الشهر الفضيل.
رمضان كان حمى في التقوى والورع واحترام العبادات والجيران وليس حمى سهر ومسلسلات وتسابق في الاطباق.
رمضان فرصة كي نراجع ذاتنا وكي نمسح على رأس محروم او فقير ويتيم علنا نسترد شيئا من روحنا ومن قبس ديني يكون زوادتنا للتغلب على كل هذه الافات في مجتمعنا. وكل عام والوطن وقائده بكل خير.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة عمر كلاب جريدة الدستور