تمارس حماس عمليا سلوك الدولة المستقلة في قطاع غزة فهي تمنح الاذن بالسفر وتمنعه ، ولها اجهزة امنية تبسط الامن والقوانين وتمنع الانفلات الامني على حد تعبير ناطق رسمي للحركة وتستطيع هذه الاجهزة ان تتدخل في شكل الحياة اليومية وسفور المرأة او حجابها وكثير من التفاصيل المعاشية لسكان القطاع الذين لم ينتخبوا حماس من اجل هذا كله ، بل من اجل وقف الفساد والافساد وخلق اجواء حقيقية لقيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من حزيران والحركة وافقت على هدنة مقدارها خمسون عاما - اذا قبلت اسرائيل قيام الدولة ، بمعنى ان حماس لا تطالب بتحرير الارض من النهر الى البحر ، فهي تمارس برغماتية سياسية محترفة ، لكن وفق ضوابط اقل انفلاتا من ضوابط السلطة وحركة فتح.

الان من يريد ان يطرح المصالحة الفلسطينية او الوحدة الفلسطينية عليه ان يطرحها بين «دولتين» ولربما نجد لاحقا من يتحدث عن تمثيل دبلوماسي بين الضفة وغزة ، وقصة الفوارق بين المكانين قصة بحاجة الى ترميم واعادة صياغة ، وثمة من هو سعيد بهذه الفرقة ، لان الوحدة الفلسطينية على مستوى الجغرافيا لا تلاقي قبولا مصلحيا وسياسيا لديه ، فكثير من رجالات السلطة ومن حركة فتح عاشوا طويلا واستفادوا كثيرا من تقسيمات ونزاعات الضفة ـ غزة داخل الحركة وداخل السلطة لاحقا.

الفرقة لها جذر تاريخي وموضوعي ، وتدرك حماس اكثر من غيرها هذا الجذر ويبدو انها تداعبه وتستنهضه مؤخرا عند ابناء القطاع كما يستنهض بعض اهل الضفة فكرة الانفلات من تبعات هذا الخزان البشري من اللاجئين الثقيل على موازنة وميزانية السلطة التي لا تتسع للفساد وللاجئين.

المصالحة الوطنية باتت تمر في عواصم متعددة وتقاطعات سياسية كونية واقليمية ولم تعد مصالحة على طاولة برعاية شقيق او شقيقة كبرى او صغرى ، فما يرسم على الارض في غزة والضفة ينذر بان الحالة الفلسطينية امام تجذير في الانقسام ودعم لهذا الحل القائم على حل الدولتين فعلا ، لكن اي دولتين؟


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   عمر كلاب   جريدة الدستور