تصاعد الخط البياني في حراك المعلمين ، قابله انخفاض في منسوب التعاطف الشعبي مع قضاياهم بمجملها ، والتي حظيت بدعم غير مسبوق في الشارعين الشعبي والسياسي خاصة بعد تصريحات وزير التربية التي طالت ذقون المعلمين وهندامهم وطالبت الصحافة الوزير بالاستجابة لمطلب المعلمين العادل بالاعتذار وهذا ما تم رغم توضيح الوزير الاكاديمي بأن اجتزاء طال تصريحاته.
الاعتذار ربما اغرى بعض المشرفين او المتابعين لقضايا المعلمين بتضخيم ايقاع الطبل على انغام دعوات خارج الاطار التربوي كانت ترى في حراك المعلمين فرصة لتصفية حسابات سياسية على حساب مطالب المعلمين وعلى حساب المسيرة التربوية ومستقبل الطلاب الذين تم الزج بهم قسرا في ازمة هم الخاسر الاكبر منها ، فالعام الدراسي شارف على الانتهاء ولا يوجد امام ابنائنا الطلبة سوى شهرين لاكمال المنهاج والاخطر لا يوجد امام طلاب الثانوية العامة سوى شهر واحد قبل اجازة الاستعداد للامتحانات الوزارية.
حراك المعلمين دخل ايضا ساحة الحسابات والمكاسب الانتخابية والحزبية الضيقة ، بعد ان ركب الموجة تيار سياسي يعاني من ازمة داخلية تضعه على شفير انفجار او انشقاق رأى في حراك المعلمين فرصة لاشعال معركة خارجية تطفئ نيران معركته الداخلية ولذا قام بتوفير الدعم اللوجستي لخيمة المعلمين في الكرك وتوفير وسائل النقل لتجميع المعلمين في "خيمة الثنية" في سلوك لا يخلو من انتهازية سياسية لا تستهدف حكومة او خصومة سياسية بل تستهدف وطنا واجيالا على مقاعد الدراسة يحتاجون كل حصة مدرسية ويحتاجون جهد كل معلم كي يصل العام الدراسي الى نهايته المأمولة.
مطالب المعلمين في تحسين معيشتهم وصورتهم ودورهم مطالب عادلة لكن الوسيلة التي يتبعها بعضهم ممن قبل ادخال المطالب في نكاية السياسة ستسفر عن خسارة للمعلم وصورته ودوره فبدل ان يكون هو معلم الاجيال سيصبح ومطالبه فرصة لكل باحث عن حرائق جانبية ومكاسب انتخابية سبق وان قفز عنها ولم يلتفت اليها طيلة وجوده في بيت التشريع منذ عقدين ، فلماذا الان اصبح متباكيا على مطالب المعلمين؟ تلك المطالب التي حملها الاعلام الوطني مع المعلمين كتفا بكتف.
فالمعلم بنى دوره وقيمته وحضوره من تربية الاجيال وتقديم مصالح الطلاب على اي مصلحة وصار هو مصنع الاجيال وراسم مستقبل الاجيال ولم نعرف عنه يوما انه كان اداة او عصا في دواليب عجلة مستقبل الطلاب او عائقا امام اهدافهم في التعليم ورسم طموحاتهم المستقبلية ، رغم ظروفه الصعبة وبعض الهنات في وضعه ودوره ، فالمعلم هو اكثر اطراف العملية الانتاجية البشرية زخما في الدولة وسيبقى هو صانع الاجيال وقدوتنا الاولى الذي لا نقبل ان يستثمر البعض اوجاعه ومطالبه لغايات مصلحية او لحسابات انتخابية قصيرة الجودة والجدوى.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة عمر كلاب جريدة الدستور