مهما اختلف طقس صباحاتنا ، الا أن صوتها هو المشترك بيننا جميعاً ، نستيقظ صباحاً على رائحة القهوة ، وتمسك أرواحنا بتلابيب صوتها كي نسترد الوعي المفقود ونستقبل صبحنا بتفاؤل ، ازال قلقه صوت الطهر وحكايا الحب الصغيرة ومماحكات العاشقين.

كيف سيكون صبحنا دون فيروز ، ومن سينقش في ذاكرتنا أسماء القرى والضيع اللبنانية ، وكيف سيهمس طالب بحديث بوح حملته رسالة طائشة ، ووردة أخذت شكل صفحة كتاب وهي مخبأة تحت مخدة نومنا.

فيروز نبض لبناني أفاء على بلاد الشام وامتد الى المغرب العربي ليقطع المحيط مع مهاجرين وسكان ، سمعوا صوتها فحملهم الى هنا ، وحملوه الى هناك هدايا من الشرق عن حكايا شهرزاد.

صباحنا مع فيروز ليس عابراً أو ممكناً دون نزقها مع نصري ووديع ، وستفقد القهوة سمارها وشقاوتها وهي تضرب على نافذة عيوننا كي نفتحها لليوم الجديد اذا غاب الصوت.

من سيبيع الخواتم أو يطالب بائعها بالعودة في العالم القادم ومن سيقرع أجراس الكنائس في المدن الحزينة؟.

ذات حوار نادر وكانت اجاباتها مقتضبة لكنها تحتاج الى مجلدات للتفسير ، سألها المذيع السوري توفيق حلاق "ست فيروز أين مسرحك الغنائي؟" فأجابته بكلمتين "وين بعلبك" ، كانت الاجابة زمناً من الحرب الاهلية التي عصفت بالشقيقة الأغلى والأحلى "لبنان" كانت صور الحرب ترتسم على الخرائط الدماغية ويستعرضها القلب كشريط جنازة مهيب.

كلمتان فقط اختصرت فيهما الاجابة عن حرب ودمار ، وهذا لا يتحقق بدون "فيروز" التي يطارد صوتها ورثة شريك الحلم والوجدان مع عاصي الرحباني الراحل باكراً الى "الجرد" تاركاً منصور يشعل ما تبقى من شموع.

لكن ورثة منصور يحكمون على وجداننا بحفنة "دولارات" وهم يطلبون وقف حنجرة فيروز أن تصدح بما تحتاجه الروح في زمن النخاسة وزمن في كل بيت مطربة أو مطرب.

صوت فيروز ممنوع من السفر وممنوع من الصرف وممنوع من الموصول اذا لم يتم جمركته لصالح الورثة.

الاثنين المقبل سيكون يوم بوح من أجل فيروز.. من أجل صوتها.. من أجل أن تبقى الأذن نظيفة بما يكفي لانتظار زمن قادم يعود فيه الغناء الى الحنجرة وليس الى حجرة النوم.

الاثنين سيكون صلاة من أجل ألا يغيب صوت فيروز من أجل حفنة دولارات يبحث عنها "وارث" ليس له من أصل التركة.

يوم الاثنين سنسمع فيروز جميعا ليكون دفاعاً عن صباحاتنا وليس عن فيروز فقط وسيكون فرصة كي نقول لسيدة الأرز شكراً فقد حافظت على وجداننا.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   عمر كلاب   جريدة الدستور