ليس من قبيل ارتفاع منسوب الورع ، يقدم ثمن مليون فلسطيني على الزحف نحو المسجد الاقصى ، لاداء صلاة الجمعة الاولى وليس اليتيمة ، بل من بوابة التأكيد على ان الاقصى رمز ديني نعم ومكانته الدينية الرفيعة موقرة وليست بحاجة الى توكيد. ولكنه ايضا رمز وطني ويعني الرقم ومؤشراته ، ان اي سيادة دون الاقصى سيادة منقوصة واي دولة مقبلة غير مكتملة دون صلاة جامعة فيه ودون ابوابه المفتوحة لمقدّسي الحج بعد زيارة بيت الله العتيق.

تزداد الحفريات حول وتحت الاقصى حتى لا تحتمل جدرانه اعمدتها وحتى تهتز قواعده وارضياته ومآذنه وقبابه من جهة وتحيطه المناورات السياسية من جهة اخرى بمفاوضات مباشرة وغير مباشرة ومن تحت الطاولة ومن فوقها ، وذاقت شعوب الامة العربية الامرين من وراء تحرير الاقصى والقدس الشريف ، من غياب تنمية وحرية وديمقراطية وانسداد افق سياسي وافق اجتماعي وافق اقتصادي من اجل توحيد المسار باتجاه الاقصى والقدس ومن اجل التحرير تارة لكامل التراب وتارة لنصفه واخيرا لربعه او اقل.

انحسار منسوب التحرير وانخفاض نسبه لم ينسحب لا على الاقصى ولا على الشعوب العربية ، فالاصل ان تكون قد ذهبت نصف الموازنة المرصودة لتحرير فلسطين الى تطوير موارد الوطن العربي بعد ان انخفض منسوب التحرير من كامل التراب الى نصفه ، وفي العقد الاخير يجب ان يذهب ثلاثة ارباع الموازنة القومية لشعوب الامة العربية بعد ان انحسر الطموح في التحرير الى الربع فقط وعبر بوابة التفاوض والتفاوض فقط واخيرا يجب ان تفتح الخزائن امام الشعوب بعد ان انتقلنا الى خانة التفريط في كامل التراب الوطني.

ثمن مليون يحمون بأجسادهم طريق الاقصى وطريق تحرير الارض بعد ان ضاع واصبحت زيارته بتأشيرة سياحية من الكيان الاسرائيلي تثبت انه اثر سياحي ديني على ارض اسرائيل.

الاقصى يعرف حجرا حجرا ان كل ادوات الصراع انتهت ، وان مفاتيح الصراع صدأت.

سجون بمساحات متباينة منحت للمناضلين العائدين القانطين ، كل حسب دوره ومركزه في رفع منسوب الكفر الوطني والقبول بتقديس الحجة عبر مكتب سياحي او مكتب سياسي لا فرق فثمة حرف زائد او ناقص في المعادلة الوطنية او المعادلة القومية.

الاقصى يعرف انه وجع مخزون في صدر كل عربي ومسلم ، ويعرف المقدسيون حجم العشق العربي لهواء قادم من هناك ويعرفون كميات الادعية من اجل الفوز بصلاة فيه قبل الممات ، ويعرفون حجم الحب وكمياته واوزانه وكثافته المرتفعة في رمضان ويعرفون ان كل ذلك لم يفض لدخول كيس اسمنت لترميم بيت ولا منح بعضهم ضمانة للبقاء في اكناف بيت المقدس ، المقدسيون يعرفون ان للاقصى ربا يحميه وذلك كافْ.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   عمر كلاب   جريدة الدستور