من غير المسموح شعبيا ان يكون اجتماع وزراء خارجية المبادرة العربية اليوم في القاهرة نمطيا ومكرورا وحاملا نفس الكلاشيهات التقليدية عن رغبة العرب بالسلام وحرصهم على المبادرة العربية واصرارهم على المفاوضات سبيلا وحيدا لحل النزاع العربي الاسرائيلي وفق الاليات نفسها ، بعد ان تغيرت كل المدخلات السياسية التي انتجت عملية التفاوض من مدريد الى واشنطن مرورا بمريلاند وكل محطات التوقف الجبري والاختياري .
فالراعي التقليدي والوحيد للمفاوضات اعلن عن فشله وفق مفردات خجولة تتحدث عن تغيير التكتيك التفاوضي بعد ان اغلقت اسرائيل باب تجميد الاستيطان وباب الدولة القابلة للحياة وباب الكرامة في العيش للانسان الفلسطيني وكل الابواب المفضية الى تحقيق سلام تقبل به الاجيال المقبلة .
هناك اجراءات سياسية يجب ان يتم التعامل معها بجرأة ودون لبس ، منها تعليق المبادرة العربية السلمية الشاملة التي مضى على اطلاقها سنوات ثمان دون ادنى اجابة من اسرائيل ، وتعليق اي حوار مع اسرائيل ان كان تحت الطاولة او فوقها عربيا وفلسطينيا ، ورفع الحصار العربي عن غزة وإعلان موعد عربي لاعلان الدولة الفلسطينية المستقلة وجمع الدعم العالمي للاعتراف بها ، وتشكيل لجنة عربية تقوم بمهمات دعم الدولة الفلسطينية عالميا وزيارة العواصم لهذا الغرض .
على الاجتماع العربي اتخاذ خطوات لها الحد الادنى من اثارة الفعل وليس التثاؤب بالكلمات الديبلوماسية التقليدية التي شجعّت اسرائيل على صمّ الاذان واغلاق العيون عن مشاهدة حتى حدودها مع الجوار العربي ، فالحصار نجح بفضل دعم العرب اولا له كما نجح سابقا حصار العراق .
هنالك اوراق عربية تحمل بذور قوة ، وهناك اوراق خسائر داخل الملف العربي ، فورقة المصالحة الفلسطينية يجب لملمتها من العواصم غير العربية واعادة تجميعها عربيا ولو بالقوة ، فليس عقلانيا مايحدث على المسار الفلسطيني الداخلي وسط احتضان عربي لهذا الطرف او ذاك وتغذية بذور الفرقة تارة تحت حجة الانبطاح وتارة تحت حجة التطرف ، فلم يعد الانبطاح جالبا للحلول كما ان التطرف يباعد المسافة مع اطراف عالمية داعمة للورقة الفلسطينية الان .
كذلك الورقة اللبنانية التي تشهد نارا تحت الرماد وستكون هذه النار قريبا فوق الرماد اذا ما صدر قرار المحكمة الدولية بالشكل الذي تتحدث عنه تسريبات الغرب وستكون فلسطين وقضيتها الضحية الاقرب كما لبنان وامنه ووحدته .
اجتماع دول المبادرة يجب ان يخرج بنتائج واضحة وخطوات عملية والا فلنوفر ثمن تذاكر الطائرة ومصاريف الوفود لمعالجة ضحايا التلاسيميا فهذا اجدى من بيان هلامي للرد على اجراءات اسرائيلية على ارض الواقع .
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة عمر كلاب جريدة الدستور