لو ادخلنا المصطلحات في سوق التداول وبات لها سعر لكان مصطلح الشفافية اكثر المصطلحات تداولا في سوق الكلمات وكان سهما قياديا يؤثر على سعر الصرف الرسمي لاسعار الكلمات ، وينخفض سعرها او يرتفع تبعا للعرض والطلب وقوانين السوق الاخرى ، ولمزيد من التثقيف يمكن ان يكون لها تسعيرة كونية تبعا لمصدر واسلوب الكلمة فشفافية برنت اعلى من الشفافية الامريكية ودون شك فإن شفافية من طرازعربي ثقيل وعربي خفيف ستكون في اخر القائمة التسعيرية .
لا احد يطلق هذه الكلمة او يرددها مثلما نرددها نحن العرب مقرونة بمزيج النزاهة واحيانا العدالة وعادة ما يكون المزيج الناجم عن التفاعل قرارات عجائبية او نتائج تصلح للتطبيق في بلاد العجائب ، فما حدث في مشاجرة الجامعة سيخضع للشفافية وربما تتم ادانة الحرس الجامعي او سائقي الحافلات الطلابية تبعا لمنسوب الشفافية في القرار وقد أستبق نتائج التحقيق واعلن منذ الان ادانة بائع الصحف على باب الجامعة فالموسم موسم اعلامي بامتياز بعد ان دخل الاعلام مختبر القوننة الجديد .
وبالعودة الى تأصيل مصطلح الشفافية فمصدره الفعل"شفّ" ، وعلى مسطرة العجائب العربية ، يكون الناتج ما اعتدنا عليه ايام المدرسة حين كنا نشّف الخارطة عن الاطلس مستخدمين ورقا شفافا اسمه ورق الزبدة ، وكان امهرنا في النقل يسمى"شفّيف"وبعد تطور المصطلح قليلا في المدرسة صار الطالب الذي ينقل عن الكتاب او يستخدم اوراق الغش اسمه ايضا"شفيف" ، فالغش لم يكن واردا احتراما لسلوك الزميل ولإمكانية الجلوس بجانبه احيانا في امتحانات تتطلب حفظا .
نحن نشّف الان شفافية من كل المشارب ، نتعامل بكل شهادات المنشأ ، وكل ما يرد من مصانع ومختبرات السياسة ، فالبضائع لها شهادات منشأ ومدخلات انتاج تحدد قيمتها السوقية وسعر الصرف الرسمي للعملة التي نستخدمها في استيراد المصطلح وعملة بلد الصرف ، اي ان الشفافية عملة كونية
رائجة يختلف سعرها من بلد الى بلد ومربوطة حكما بسعر صرف الدولار وسلة عملات اخرى ثانوية .
ولمزيد من التوضيح سنبقى في سعر صرف الدولار ، فالشفافية تكون في اعلى درجاتها اذا كانت عن انتخابات غابت عنها قسرا او دفعا قوى معادية للدولار ولمخرجاته في سوق السياسة ، وتكون مأسوفة على شبابها اذا دخلت الى خانة ادانة اسرائيل وازلامها واعوانها في اي بلد ، ولا فرق في هذا المجال بين الدولار وباقي العملات الغربية الا ما ندر او بفوارق بسيطة .
مزيج الشفافية والنزاهة والعدالة ، افرز في عالمنا العربي كل الامراض المزمنة والمستعصية وافرز تشوهات طالت كل مناحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية وافرز غيابا للقطاع العام وغيابا لملكيات عامة وصار الناس شركاء في ثلاث الفقر والجوع والبطالة مدعوما ذلك كله بقلة الحيلة وانتظار ما تجود به نفوس الغرب الكريمة ، من وقف للاستيطان ومساحة الدولة وشكل المستقبل وفقا للمسطرة الامريكية .
ما نريده الان وقف استيراد واستخدام هذا المصطلح ومعاقبة مستخدميه علّه ان غاب عنا نعتمد سعر صرف قومي لهذا المصطلح ونتحرر من فروقات الاستيراد واثارها على واقعنا العربي ونوفر عملة اجنبية دخلت علينا فنثرت السوس في حبالنا الشوكية تلك الحبال المسؤولة عن نقل الاوامر من الدماغ الى الاطراف .
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة عمر كلاب جريدة الدستور