اذا كان العدل اساس المُلْك ، فثمة قيمة مضافة للهاشميين وعدلهم ، هي الرحمة وتلمس حاجات الناس وتخفيف الاعباء عنهم وتجنيبهم اي ضرر او خطر يطال امنهم وقوتهم ، منذ رحلة الايلاف وثريد هاشم ، إحقاقا لقوله تعالى "واطعمهم من جوع وآمنهم من خوف" فالتلازم بين الامن الغذائي والامن الوطني حرفة لا يتقنها الا ملوك رضعوا العدل وشربوا الرحمة.

قبل ان يتلمس اي احد احتياجات الناس ، كان الملك عبدالله يستبق الجميع بأمر ملكي بعدم رفع الاسعار وابقاء الاسعار وفق معادلاتها وكان الامر لحماة الامن الوطني ومؤسستهم اولا ، فهم من يحمي اي امن ، غذائيا كان ام وطنيا ، فلابسو التاج على الرؤوس هم من يحملون الامر على حقيقته ولا يتأخرون.

يعرف الملك قبل غيره آمال شعبه وتطلعاتهم ويعرف صاحب الاسرة المكونة من ستة ملايين ، احلام ابنائه وآمالهم منذ ان حمل راية امانة ملكهم وورث عرش ابيه واجداده ، فمن تعليمهم الصيد الى رفع سوية الاقتصاد الوطني وجذب الاستثمارات ، فكان الشأن الاقتصادي هو اول شغله وكان قوت وامن المواطن كل شغله.

رسالة الملك واستجابة الحكومة السريعة كانت قوية بما يسكت اي مخالس ومدالس يحاول استثمار او استحضار ما يجري في عواصم شقيقة وصديقة ، فعاصمة التاج الملكي ليست مثل اي عاصمة لأن فيها ملكا لا يظلم عنده احد ، وهو اول من استحضر في الامة ذاكرة خلفاء الرشاد والعدل ، فكان يجوب الشوارع متخفيا ، ويدخل البيوت متلمسا آمال شعبه وماسحا بيديه آلامهم.

ذاكرة الاردنيين ليست من تراب ومشاهد الجولات الملكية في المحافظات والبوادي والمخيمات دائمة الحضور وصور الامهات ما زالت في صدور الناس قبل صدور البيوت ، فالتواصل بين الملك والرعية ليس عبر ريسيفرات ورسائل مشفرة ، بل تواصل حي ومشهود ومشاهد: فليغلق كل طامع باب مرزقه السياسي وتجارته البور ودعواته الصمّاء لاستثمار عبادة الرحمن لغايات واهداف الشيطان.

الاردنيون يعرفون جيدا ان ملكهم هو اول امنهم وامانهم ويعرفون انه يدوس كل الاصقاع من اجل دفء حياتهم وامن صغارهم ويعرفون انه اول الحب واول من يتلمس الاحوال ويحيي الآمال ، ويتبادلون حتى تعداد الشيب في رأسه ، فهذا الشيب كان شاهدا في قلوبهم على تعب من اجل راحتهم وقلق من اجل امنهم وسهر لحماية مصالحهم.

في المقر ، حيث يعرف الاردنيون بوصلة وطنهم ، هناك مصدر الطمأنينة والامان ومن هناك تصدر الاوامر لمصلحة البسطاء والفقراء وهناك ضوء يحمل البشرى بأن هذا الوطن مبني على الرحمة وعلى مصلحة الناس وهناك تكبح جماح الفقر وتفتح ابواب الامل بالعمل واضاءة المصابيح لنشر الضوء في ارجاء الدنيا.

المقر يبقى بيتنا جميعا واملنا جميعا وفيه مهوى قلوبنا وراعي مسيرتنا وفيه ملاذنا الذي نثق به ونطمئن له وبه ، وسيبقى كذلك ابد الدهر ، ولن تنحرف بوصلة عيوننا.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   عمر كلاب   جريدة الدستور