اعاد الملك الحياة لاعصاب لجنة الحوار الوطني بعد ان عصفت بها استقالات وانسحابات , يمكن تفهم بعضها كردة فعل سريعة ومتعجلة على احداث مؤسفة وبعضها الاخر سياسي مدعوم ايديولوجيا برفض الحوار وعدم الاستجابة لمنطقه الذي يتناقض وحسابات الفئة الرافضة للحوار ودفع عجلة الاصلاح للامام الا وفق القياس الحزبي الخاص .
رئيس لجنة الحوار بالتالي عليه اعادة السير في اعمال اللجنة بمن حضر من ذوات وطي صفحة الاسترضاءات للمنسحبين , خاصة وان كل ترطيب معهم يصطدم بجفاء سياسي واستعلاء حزبي حتى على لجنة الحوار , بعد ان رفض الحزب وممثليه العودة رغم تلبية مطالبهم الاولية ورفضوا ايضا حضور لقاء اللجنة الاخير مع جلالة الملك الا بشكل حزبي منفرد عن باقي اعضاء اللجنة حسب عضو في لجنة الحوار , مما يعني ان القرار بالمقاطعة واعتماد العدمية السياسية قد اتخذ وان الحسابات الحزبية طغت على الحسابات الوطنية الشمولية .
ثمة شعرة رفيعة بين الديمقراطية والهشاشة المواقفية في تحقيق توافقات وطنية منشودة من لجنة الحوار واعتقد ان ممارسة اي محاولة لجذب اطراف الفئة «الرافضة « للحوار سيدخل في باب الهشاشة لا في باب الحرص على التوافق كما تكشف مجريات الاحداث وسيرورة الحوار الوطني , الا اذا عادت هذه الفئة الى جادة الصواب.
الملك اعاد الحياة الى الاعصاب وعلى اعضاء اللجنة الانطلاق في عملهم , بحيث يبدأون حوارا مع مكونات المجتمع الاردني وادخال اماله وطموحاته في مختبر التاطير القانوني تمهيدا لتحضير وجبة اصلاحية دسمة ندخل بها الحياة الجديدة القائمة على انتخابات حرة تجري بقانون عصري يفرز ممثلين حقيقيين للشعب الاردني بمعنى التمثيل التشريعي والسياسي وليس اي تمثيل اخر , لان هذه التركيبة هي الاقدر على المحاسبة والمراقبة والتشريع , حتى لا ندور في حركة دائرية لتحديد الاولويات لأن قانون الانتخاب هو حجر الرحى في الاصلاح وهو الذي سيفضي الى تعديلات دستورية , تتطلبها الحالة الاردنية وليس الاجندات الحزبية , فعمر الدورة العادية يحتاج الى اطالة وكذلك الاشراف على الانتخابات من القضاء ونقل الطعون الى المحاكم وتحديد الظروف المفضية الى حل المجلس النيابي ووجود محكمة دستورية .
الاصلاح على قانون الانتخاب سيفضي حكما الى اصلاحات جذرية تنسحب على قانون الاحزاب ومكافحة الفساد والافساد وإفشاء العدالة بين المواطنين وتطوير واقع المحافظات بتوفير الدعم اللازم لتطوير بيئة الحياة فيها وإعلاء قيمة النزاهة والكفاءة في الوظائف بوصفها القيمة الوحيدة المقبولة للتنافس على هذه الوظائف وليس القرب من المسؤول او صلة النسب او صلة المصالح .
الملك اعاد القاطرة الى السكة وعلينا الاسراع في العمل حتى تهدأ الشوارع ويذهب كل منا الى عمله بثقة في المستقبل وبانفتاح على الحياة القادمة , لان ازمة الثقة في المؤسسة الرسمية لا تنفك عقدتها دون ان يلمس المواطن حراكا حقيقيا واصلاحا فاعلا يرفع منسوب الامل ويقضي على ثقافة الاحباط التي افرزت اعتصامات في كل حارة ومكان.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة عمر كلاب جريدة الدستور