قبل عشرين عاما ونيف شاركنا في مؤتمر وطني للشباب , كان وزير الشباب آنذاك ابراهيم الغبابشة في حكومة مضر بدران , وكانت الديمقراطية مثل قمح بلادنا خضراء يانعة, كانت الأحلام طموحة وكبيرة وكان الأمل , اتحاد وطني للشباب الاردني واتحاد لطلبة الأردن , بعد ان التبس التوجهان مؤخرا , وصار تعريف الشاب هو الجالس على مقاعد الدراسة الجامعية فقط .

كانت الهيئة العامة الحاضرة للمؤتمر مؤلفة من شباب الأندية واعضاء الهيئة الإدارية في تلك الأندية بحسب فئة عمرية محددة وهيئات النقابات المهنية والعمالية وشباب الجامعات الرسمية - لم تكن حينها جامعات خاصة - كان الحضور خليطا سياسيا ووطنيا والأجواء مشحونة , فغرب النهر انتفاضة تاريخية هي الاولى , وشرق الوطن جحافل كونية تتأهب للانقضاض على العراق الشقيق , وصدرت توصيات في غاية الأهمية منها اتحاد وطني للشباب واتحاد للطلاب , وحتى تاريخه لم تخرج توصيات المؤتمر الى العلن وغابت في ادراج الوزارة ووريثها الشرعي المجلس الأعلى للشباب .

أمس صحونا على مؤتمر وطني للشباب « تجاوزا» فالحضور طلاب في المراحل الدراسية العليا كما اكد الناطق الإعلامي للمجلس محمد مطاوع « , تم تحديد آلية حضوره و الدعوة إليه بما يضمن مواصفات ومقاييس مخرجات هيئته العامة , وحتى جدول اعماله لم نراه شبابيا بقدر ما هو دروس ومواعظ للشباب وخطابات عليهم لها شكل محاضرة واسئلة .

الظرف لم يتغير فالحالة الفلسطينية اكثر شؤما وانعكاسها على المشهد المحلي لا يشي بالتفاؤل والعراق صار تحت الاحتلال , ورغم ذلك تطورت الاحداث لصالح الشباب ودور هيئاتهم التي يجب ان ترى النور بعد أن أطلق الملك العنان لهم دون وصاية من احد ومع ذلك لم يتطرق المؤتمر الى هيئات شبابية وطلابية منتخبة , تكون مظلة لهم بعد ان عجزت الهيئات المشكلة في تحقيق تمثيل شبابي مقنع للشباب وتحولت مقراتها الى نوادي تسلية رغم المبالغ المنفقة والمؤتمرات الباهضة الكلفة .

المؤتمر او المحاضرة على وجبتين وبحضور ألفي طالب من كل المحافظات والجامعات يصر الداعون اليه بأنه كان فرصة لتلاقي الافكار وفرصة للتعرف على هموم الشباب وبأن هذه وجبة والوجبة القادمة ستكون اواخر نيسان مع وزير الداخلية بحسب نفس المصدر السابق , وكأن الأزمة الراهنة شبابيا يمكن اختزالها في لقاء حواري على اهمية هذا الشكل , مع اغفال كامل للمظلة الشبابية والمظلة الطلابية المنتخبة التي باتت مطلبا وضرورة في ظل انبثاقات شبابية جديدة اعلنت عن نفسها في الحالة الوطنية سواء قبلناها او رفضناها .

ملف الشباب ووفق السلوك الحكومي يشي بأننا لم نقرأ رسالة الملك ولا رغبته في اطلاق طاقات الشباب وتوفير مظلة قانونية جامعة لهم كما تشي بأننا ما زلنا اسرى اغفال الواقع الشبابي خارج مقاعد الدراسة الثانوية وما بعدها واختزال التعريف الشبابي بالطلابي وترك الآخرين خارج مظلة قانونية وطنية .

هناك منظمات حزبية شبابية كان يمكن دعوتها واقصد منعا لأي تحسس من الأحزاب المرخصة وهناك هيئات شبابية يمكن انتاجها من النقابات المهنية والعمالية وحتى من وزارة التربية والتعليم وباقي الوزارات يمكن اختيار فئة شبابية لو توافرت الرغبة والاستعداد الجيد لدرء أي تأويل سلبي يجد في سلوك المجلس الأعلى ما يدعمه ويفتح الباب واسعا لاجتهادات لا تفيد الحالة الشبابية ولا تخدمها.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   عمر كلاب   جريدة الدستور