حسب اتفاقية السلام الاردنية – الاسرائيلية يقوم الاردن بتخزين 50 مليون متر مكعب من المياه في بحيرة طبريا على ان يسحبها وفقا لاحتياجاته الصيفية , وجميعنا يذكر قصة المياه غير الصالحة للحياة التي زودتنا بها اسرائيل صيف 1998 وما تبعها من تداعيات وكانت النتيجة ان خرجت اسرائيل بدون ادانة رسمية لان الاتفاقية لم تنص على نوعية المياه المخزّنة وصلاحيتها للشرب او للزراعة .
وحتى لا يتكرر نفس السيناريو وتخرج اسرائيل بكل الغنائم بما في ذلك ما اوردته الاتفاقية المائية , فقد جرى الاتفاق ايضا على ان تقوم اسرائيل بتزويدنا بحاجتنا من المياه الزائدة عن الخمسين مليون متر مكعب على حساب مديونية مائية تقوم الأردن بسدادها من مياه الامطار الفائضة او بالبحث مع اسرائيل عن مصادر لتزويد الاردن بالمياه وسداد العجز في الميزانية المائية .
وتعرف وزارة المياه ووزيرها الحالي بأن هناك فريقا في وزارة المياه يعد موازنة المياه اسوة بالموازنة المالية للدولة وفيها حساب عجز ومديونية لصالح اسرائيل يجدول سنويا , ويعلم دولة رئيس الوزراء ابان كان سفير الاردن في تل ابيب بذلك وسبق له ان خاض جولات من اجل تحصيل زيادة في الدين المائي وتأجيل السداد لمواسم مطرية غزيرة الهطول .
الان تنوي وزارة المياه شراء مياه من اسرائيل بسعر 28 قرشا للمتر المكعب وتسريب السعر يراد منه تحقيق دعم مجتمعي لهذا القرار بوصفه سعر معتدل نسبيا , لكنها تغفل اننا نأخذ المياه على سبيل الدين المائي ونقوم بسداده من الهطول المطري كما يؤكد وزراء المياه السابقين او للدقة ثلاثة منهم وجميعهم للان على قيد الحياة ويستطيع الوزير الحالي والحكومة مراجعتهم والاستئناس برأيهم في هذا الامر .
القرار يشكل خطرا وطنيا جارفا , حيث يمكن لاسرائيل ان تعود علينا بأثمان المياه المقيدة على حساب المديونية المائية بأثر رجعي , ناهيك عن تنازل الاردن عن شرط مهم في الاتفاقية المائية يحلّ اسرائيل من التزامها بالبحث للاردن ومعه عن مصادر للمياه ولسنا بحاجة الى ابراء ذمة اسرائيل اكثر من ذلك , كما لا يجوز العبث بالمقدرات الوطنية والمخزون المائي الوطني والحقوق الوطنية للاجيال المقبلة , لاننا سنورثهم قرارا يجعلهم اسرى حياتيا لاسرائيل اولم يجعل الله من الماء كل شيء حيّ ؟
المياه ليست قرارا عابرا في حياة اية امة , بل يتوقع ان تكون نفط الكون القادم وذهبه الازرق , ولا يجوز ان تلجأ الحكومة الى الحل المسموم حتى لو كان السعر زهيدا بالمقياس العالمي وحسب ما تحاول الوزارة عرضه للرأي العام وحتى لا تقول الحكومة بأنها لم تعلم بهذا الامر .
يجب الضغط على اسرائيل للاستمرار في نهج الدين المائي حسب الاتفاقيات وحسب مسيرة العلاقة المائية معها , الا اذا كان للبعض رأي آخر .
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة عمر كلاب جريدة الدستور