تجاوزت الحكومة تجاذبات الايدولوجيا التي داهمتها في بداية التشكيل ونوعية المكونات السياسية للفريق الوزاري الذي جاء مدهشا لكثير ممن راقبوا الفريق ومخاض تشكيله , والدهشة ليست بالضرورة ان تنحكم الى قطبي الجذب المغناطيسي الموجب والسالب لكنها بالضرورة موجودة عند قراءة اسماء الفريق ولاعبيه الاساسيين او الخدميين.
تجاوز التجاذبات في الحكومة لم يحقق جاذبية في الحالة الاقتصادية التي رفعت وزن التطلعات والامال خاصة مع اعلان الرئيس معروف البخيت نية الحكومة اجتراح حلول اجتماعية لهموم اقتصادية ارخت ظلالها على الحالة المحلية وفتحت شهية العاطلين الكثر عن العمل من العودة المكثفة لابواب الوزارات التي باتت تئن تحت اوزان طلبات العمل بناء على الاعلان الحكومي بداية التشكيل.
لكن الحل الاجتماعي بفتح الوظائف اصطدم بمعامل الرغبة والقدرة , فرغبة الحكومة في الحل اصطدم بقدرتها على تنفيذ الوعود التي لاقت ذائقة خاصة من المناطق النائية تحديدا والتي تتقلص الفرص فيها الى الحدود الدنيا مما يدفعها الى تلقف اي طاقة امل , واغلاق هذه الابواب بعد انفراج طاقاتها سيسفر عن حالة احباط مسنودة بظروف معيشية صعبة ستعكس نفسها حراكات اجتماعية غير منضبطة الايقاع .
نعلم ان الظروف الاقتصادية صعبة على الحكومة والناس ونعلم ان ثمة اجراءات مطلوبة اقتصاديا لكنها موجعة سياسيا وان الحكومة بين نار الواقع ونار القرار الصادم اجتماعيا ومع ذلك لا بد من الاقدام على قرارات صعبة مع الحفاظ على التوازن الاجتماعي وهذا يعيدنا الى ضرورة توفير الدعم للمواطن وليس للسلعة مما يعني ان تعود الحكومة الى دورها الابوي نسبيا من خلال اعادة دعم المواطن بدل دعم السلعة فلا يعقل ان تدعم اسطوانة الغاز للفنادق والمطاعم والسياح والمقيمين اسوة بالمواطن الاردني وكذلك المشتقات النفطية الاخرى وسلع كثيرة ما زالت تحظى برعاية خاصة من الدولة.
الخطوة المطلوبة هي المضي في الاصلاح الاقتصادي وتحرير الاسعار على ان يتم توفير الدعم وقيمته لصالح دعم المواطن وتوفير فرص عمل ووظائف تحديدا لابناء المناطق النائية وتوفير مشاريع انتاجية تدعم حياتهم ومعاشهم والامان الاجتماعي والحياتي.
ما يجري في الوزارات الخدمية حصريا من تكدس طلبات التوظيف سيخلق ازمة اجتماعية غير محمودة العواقب والظلال ولا بد من اجتراح حلول لازمات الناس واحوالهم المعيشية , فلا يعقل مثلا ان تبقى مناطق المدورة والديسي تترقب الدور الانساني للشركات الكبرى في مناطقها دون اعادة تدوير لدور هذه الشركات ان كان باعادة تحصيل حقوق الخزينة من ايجار للاراضي او منحهم اراضي لاستثمارها باسعار تفضيلية.
وهكذا مع باقي المناطق , فالظروف الصعبة تتطلب قرارات جريئة وسريعة تراعي الامان المجتمعي اولا وثانيا , فنحن بحاجة الحكومات في الظروف الصعبة اكثر الاف المرات من حاجتنا لها في ظروف الرخاء وهذا الظرف صعب يتطلب اجراءات حاسمة وسريعة واسألوا وزراء الخدمات عن حجم طلبات التوظيف في مكاتبهم.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة عمر كلاب جريدة الدستور