فجأة يسخن الجميع على سوريا و نظامها السياسي ، على اعتبار انه تراجع امس عن الاصلاحات و عن الديمقراطية و حقوق المواطنين الى الحد الذي دفع امام مسجد في اطراف عمان الى مقارنته مع اسرائيل التي تقصف غزة كما يقصف نظام الاسد اللاذقية .

اوباما يطالب الاسد بالرحيل لاول مرة و أوروبا تطالب بتشديد العقوبات و الرحيل ، كل ذلك على هدير اصوات تتغنى بهتاف واحد « ارحل ، ارحل يا بشار» و أخبار عن ضحايا يوميا و توسع لمدى المظاهرات والاحتجاجات .

صوت واحد لا نسمعه الى الان و لم نسمعه طوال الربيع العربي كله ، وهو الصوت الداعي الى الحوار والتدرج في الوصول الى دمقرطة الدول و الحكم الرشيد و ليس شعار اسقاط الانظمة الذي قد ينجح في بلد بحكم تركيبته الجيوسياسية و العسكرية و لا ينجح في بلد اخر مثل سوريا التي ما زال لنظامها مريدون في الخارج والداخل بحكم خطابها السياسي الممانع و دورها في رعاية فصائل المقاومة _و ليس المقاومة _ و حزب الله في لبنان و رغم ان كل ذلك يخدم نظام سوريا وحده و يخدم خطابها الداخلي الا انها نجحت في تسويقه بوصفه خطاب قومي و بالتالي هي الراعي الرسمي العربي الوحيد للخطاب القومي وسط قطرنة و أقلمة الخطاب العربي برمته .

لم نسمع للآن عن مشروع او مبادرة للحوار ورعايته في سوريا و لم نسمع عن مبادرة سياسية مدعومة من الاقليم الذي يتحرك يوميا وفق البوصلة الامريكية وليس البوصلة السورية و عمقها العربي من اجل وقف هذا الهدر المجاني في المقدرات البشرية و الاقتصادية السورية و الوصول الى برنامج زمني يتوافق عليه السوريون من أجل ترشيد الحكم في سوريا و التخلص من سطوة الحزب الواحد و سيطرته و الكف عن العبث الطائفي و تمزيق نسيج الشعب السوري الى طوائف و اثنيات .

لم نسمع للآن عن معارضة متماسكة يستطيع اي مراقب سياسي ان يضعها في مقابل النظام للوصول الى تسوية واضحة ، لا نسمع للآن الى حديث من شاهد عيان و تصريحات الكترونية من تنسيقيات المعارضة التي تهتف فقط باسقاط النظام و كأن البديل جاهز في سوريا ذات الحسابات الداخلية المعقدة و الحسابات الخارجية الاكثر تعقيدا ، ففي دولة مثل تونس ما زال اسقاط النظام مشروعا مفتوحا على كثير من الاحتمالات ، و ما زالت مصر ممسكة بنظامها .

نتحدث في اليمن عن مبادرة خليجية بصرف النظر عن الموقف منها الا انها مبادرة لحل الازمة و اخراج اليمن من عنق الزجاجة , في حين لم نسمع عن مبادرة من عرب افريقيا عن مبادرة لحل الازمة في ليبيا تاركين الملف لحلف الناتو الذي تستثير شهيته رائحة النفط .

و لم نسمع عن مبادرة عربية او شامية لحل الازمة في سوريا و لم نسمع الا دعوات فقط و دعم من اطراف متنوعة للاطراف السورية المتنوعة ايضا .

السلوك السياسي الان سيخدم الدم المتزايد في سوريا من الجميع ولا مناص من التأكيد على ضرورة الحوار السوري وعلى المخلصين تقديم مبادرات لحل الازمة والتصالح على أرضية الاصلاح الحقيقي والى ذلك ثمة ثلاث مسائل غير مسموح العبث فيها سورياً , الوحدة السورية وعدم الانجرار لنزاع الطوائف و الاثنيات ورفض التدخل الخارجي والاجنبي بأي حال وتحت اي ظرف والثالث الابقاء على سلمية الاحتجاجات .


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   عمر كلاب   جريدة الدستور