الحمّى التي تجتاح دول بعض دول النفط للحفاظ على الدماء العربية وحقنها , ودفع كلفة استدامة الثورات العربية , بحاجة الى تطوير وتحسين .

, لو تم انفاق هذا المال على المواطن العربي من باب الاستثمار الاقتصادي في الاقطار العربية لكان انجع واكثر امانا وأمنا , لان الطبقة الوسطى المسحوقة في الاوطان العربية ستسترد عافيتها وهذه الطبقة هي المرشحة لإحداث التغيير النوعي والسلمي , في البلدان العربية الفاقدة بحكم الفساد والانسداد الاقتصادي للطبقة الوسطى ودورها وتأثيرها .

موازنات الدول النفطية تعاني من تخمة في الفائض حسب اخر تقارير اقتصادية قرأت موازنات تلك الدول , ويكفي ان نقول ان دولة نفطية شقيقة صغيرة المساحة والكثافة السكانية , ستحقق مائة مليار دولار فائضا عن موازنتها السنوية التي تحقق ربحا اصيلا , فموازنة تلك الدولة تم إعدادها على اساس سعر برميل النفط ستين دولارا لا مائة وعشرين كما هو السعر الحالي .

هذا الفائض لو جرى استثمار نصفه في الوطن العربي من هذه الدولة الشقيقة والتي تحمل نوايا ايجابية للاشقاء حسب سلوكها السياسي والاخوي , سيكفي لانعاش اقتصاديات الوطن العربي ويحقق ملايين فرص العمل ويحقق بالتالي ربحا للدولة الشقيقة , فنحن لا نتحدث عن منح او مساعدات بل عن استثمارات , بعد ان وفّر الربيع العربي – غير محسوب العواقب للان – بيئة طاردة للفساد والافساد وبدأت البرلمانات العربية بالوصول الى مقاعدها بأصوات المواطنيين لا بدعم السلطات والانظمة .

محرّك الربيع العربي كان الاقتصاد وازماته بحكم الازمات العالمية والفساد , لكن ضحيته الاولى ستكون اقتصاديات بلدان العرب غير النفطية , وهذا بالتالي سيحول الحراكات من ثورات ربيع سلمية الى حركات تمرد انقلابية رأينا ويلاتها على الجميع بلا استثناء , وعشنا خريفها طوال عقود خلت , والقاطرة لم تتجاوزنا للاصلاح السياسي الحقيقي وإعادة انتاج علاقات سياسية قابلة للتطور الديمقراطي .

الدول التي استجابت لامال شعوبها ووضعت خارطة طريق اصلاحية واضحة المعالم والتفاصيل تستحق الدعم والاستثمار في اراضيها مثل الاردن ومصر وتونس والمغرب , والدول التي ما زالت تتمنع امام مطالب شعبها , يستحق شعبها دعم اطره السياسية ومجتمعه المدني وثورته السلمية وليس تسليح المعارضين لتوفير الظروف لحرب اهلية ستعصف بالشعب والدولة معا .

دول النفط العربي لديها واقع سياسي متباين من دولة الى اخرى , وهناك توافق شعبي على اشكال الحكم داخلها وهذا حق لا نتدخل فيه او نعاكسه فكل شعب أدرى بنظامه وبشكل الحكم الذي يرتضيه , لكن المطلوب ان يتم استثمار المال العربي في ارض العرب طالما يحقق نفس العائد الربحي بل ربما يزيد عن الاستثمار في الغرب , ويوفر كذلك الحد الادنى للحس القومي المطلوب في هذه المرحلة , والاهم يوفر عامل الامان والاستقرار لدول النفط ذاتها , فالجار الجائع لا يمنح جاره الامان والاستمتاع بالثروة .

جزء رئيس من امن الخليج القومي مربوط بعوامل الاستقرار في الجوار العربي وهذا ما يجب ان تعلمه دول النفط الشقيقة وتعيد دراسته وفقا لأمنها القومي .


المراجع

مكتبة الجامعة الأردني

التصانيف

صحافة   عمر كلاب   جريدة الدستور