لا يمكن التساهل مع العنف الذي يجتاح جامعاتنا تحت اي مبرر , ولا يمكن القبول بأن تتحول الجامعات الى مكان لتفريغ الغضب والاحقاد بدل ان تكون مصنعا لانتاج القادة والمثقفين والمتعلمين , اول الحل هو الضرب بيد قوية على كل حادث عنف او متورط في العنف , حتى تصل الرسالة الى الطلاب وغير الطلاب , ولا يجوز ان تقبل ادارات الجامعات اية تدخلات جهوية او نيابية او غير ذلك .
لا اريد ان اذهب الى بعد المؤامرة في ما يجري داخل اسوار الجامعات , لأن النتيجة واحدة سواء كانت اسباب العنف تصفيات سياسية او تخريبا على سمعة التعليم واستثماره في الاردن او مجرد انفعال طلابي وجد في تراخي الادارات الجامعية فرصة لاستعراض عضلاته الشابة او بطولاته الوهمية .
باتت الجامعات الاردنية مادة دسمة للتغطية الساخرة ووجد رسّامو الكارتون ما يغري في العنف الجامعي وباتت ادوات الضرب والعنف هي ادوات الطالب بدل الدفتر والقلم والكتاب , وصارت العشائر الكريمة والمحترمة مادة تندّر ودليل رجعية , واظن دون إثم ان هذا هو المطلوب من المشاجرات او هذا ما سيستثمره كثيرون ضد العشائر التي تقوم الان بدور سياسي ريادي , في تطوير البيئة السياسية والاجتماعية عبر الحراكات النشطة لمكافحة الفساد .
ثمة مسكوت عنه في عنف الجامعات عن دور الحرس الجامعي الذي يقوم اما بتسهيل دخول ادوات العنف واما بإغماض العين عن دخولها , وهذا يعني ضرورة اعادة التفكير بدور الحرس الجامعي وضرورة الاستعانة بأنماط جديدة من الوسائل التكنولوجية على بوابات الجامعات فهناك انظمة حماية جديدة تعتمد المغنطة على الهوية الجامعية وتكشف الغرباء من الطلاب وعليها مستويات حماية بناء على تقييم الطالب نفسه ويجب الاستعانة بها .
عنف الجامعات , ليس عنفا اجتماعيا فقط , بل هو عنف مبرمج ويتم استنساخه او تناسله بعجائبية , ومرشح للتوسع والتمدد , ويتطلب حزما وشدة في التعامل معه ولا اقل من الفصل لكل مثير عنف او مشارك فيه , بل وتحويله الى القضاء لاستكمال العقاب عن الجرم او الايذاء والتعويض عن الاضرار , حتى يعرف الاهل ايضا ان المسؤولية ستطالهم ماليا واجتماعيا وتنهي مستقبل الابناء .
بالتساوي مع هذه الشدة يجب اعادة تفعيل النشاطات الجامعية غير المنهجية والتركيز على انماط تعليم تشاركية وتفاعلية وتطوير الكوادر التدريسية التي للاسف تساهم بشكل مباشر في العنف الجامعي من خلال التلقين الاكاديمي والانحيازات غير التربوية , فنحن اما ان نشغل الطلاب ووقتهم وإما ان يشتغلوا بنا .
خلال حوار مع احد مدراء الحرس الجامعي , قال لي ان العنف الجامعي اقل خطرا من انشغال الطلاب بالسياسة , فنحن والكلام له , نستطيع السيطرة على العنف العشائري ولكن لا نستطيع السيطرة على المشتغلين بالسياسة , حاولت الاتصال به منذ امس الاول لاسأله , ان كان ثابتا على رأيه ام عدّل قناعاته لم يجب على هاتفي .
هذه الرؤية وهذه الاستراتيجية في ادارات الجامعات هي احد اسباب الاختلال الحاصل الان ويجب على الجامعات ان تعيد قراءة المشهد الذي عبر عنه مدير الحرس الجامعي بوضوح , فالسياسة نقيض للعنف واللامنهجي يفرغ الاحتقان وإشغال الطلاب في البحوث وسماع رأيهم في المحاضرات سيحقق الكثير من الامان للطالب ويفرغ شحناته الزائدة .
نحن على ابواب انتهاء استراتيجية التعليم العالي للسنوات الخمس الماضية ويجب ان نراجعها جيدا لوضع استراتيجية جديدة تزيل التشوهات والندوب عن التعليم العالي في الاردن , والعنف اكثر الندوب ايلاما وتشويها للحالة الجامعية ويجب ازالتها بحزم مع اجتراح حلول اكاديمية تلغي التلقين في الجامعات وتثري النشاط الطلابي.
المراجع
مكتبة الجامعة الأردني
التصانيف
صحافة عمر كلاب جريدة الدستور