في موسم الصعود الاسلاموي , ومن نفس بوابة وادوات الانظمة – اي العلاقة مع الغرب وواشنطن تحديدا وفائض اموال الغاز والنفط - , تستخدم الحركة الاسلاموية نفس ادوات النقد ضد كل من ينتقد برنامجها السياسي او يلقي عليه الضوء من زاوية نظر غير الزاوية المطلوبة اسلامويا , فتهمة اليسارية , حاضرة لكل من يتجرأ على نقد البرامج والخطوات السياسية , فتلك البرامج محصّنة بقداسة افتراضية رغم الحديث العلني عن غير ذلك , وعن استعداد الحركات الاسلاموية للحوار وقبول الاخر , ومن يقرأ تصريحات الاسلامويين او ردود افعالهم وافعال كتابهم يصل الى ذلك .

عندما تقرأ خروج مدينة ليبية عن المركز بسبب ميولها وميول “ ثوّارها “ فأنت متهم بالحنين الى انظمة الاستبداد وعداء الثورات , واذا قلت ان تسلل الحركة الى الطفيلة هومحاولة لانتاج بؤرة ساخنة تعين على التفاوض السياسي , فأنت يساري مارق لا تعبّر الا عن نفسك او عن فئة قليلة العدد , يتيمة , لولا بركات الاسلاميين وابوتهم للحراكات الشعبية , وليس ركوب مطالبها والمساومة عليها .

منذ الجمعة الى اليوم , نقرأ ثلاث تصريحات اسلاموية حيال الموقف من الانتخابات النيابية القادمة , وقبلها قرأنا الف مدح لمن تقذفهم الحركات الاسلاموية بالقتلة والمارقين , وتعيد تذكيرنا بأحداث حماه , التي قفزوا عنها قبل الجميع , وتصالحوا مع النظام على دماء الضحايا , وتحت نفس الحجج الواهية , الممانعة والصمود ورفض مصافحة اليد الاسرائيلية , والويل لمن يعيد قراءة التاريخ لفهم التصريحات الجديدة او المستَحدثة .

الارهاب الفكري الناعم اردنيا والخشن في مناطق السيطرة الاسلاموية , لن يدفع كثيرين الى منح عقولهم اجازة مفتوحة او تمزيق الذاكرة المكتوبة والمنقولة , فما تسلكه الحركة الان , مناورة سياسية للضغط على الحكومة لإقرار قانون انتخابات يخدم مصالح الحركة , وتسعى عبر التأزيم الى توفير بيئة اجتماعية ضامنة لتمرير القانون اجتماعيا , فالصعود الاسلاموي قادم ولا مناص للاردنيين من القبول به والاذعان له , وهذا يتطلب لجم كل صوت او مبادرة تقول غير ذلك على الاقل اردنيا , فالمجتمع الاردني كما يعرف الحراكات السياسية الاسلاموية يعرف التاريخ السياسي للحركات القومية واليسارية ويعرف زعماء المحافظات وشيوخ العشائر الوطنيين والوجهاء المناطقيين .

كما يعرف الاسلامويون قبل غيرهم ان التركيبة الاجتماعية في الاردن لن تمنحهم اكثر من حصتهم المتناقصة يوما بعد يوم بحكم مناوراتهم في زمن الفضاء المفتوح وبحكم يقينية الشارع الاردني بأن وضعه غير قابل لاستيراد نماذج عربية يتمنى الاسلاميون وصولها الى الاردن .

تصريحات القيادات الحزبية في الجماعة وجبهة العمل , لن يجد صدى الا داخل بؤر الجماعة والحزب وليس كل الحزب , فما زال في الحزب نشطاء وعقلاء يعرفون ان الاردن حالة توافق اجتماعي سياسي وليس مغالبة سياسية فقط , وتجارب الدول العربية غير قابلة للصرف اردنيا , فمناورة المفرق وبعدها التسلل الى حراك الطفيلة أعطى المؤشرات اللازمة لكي يصيغ الاردنيون قانون انتخاب يلائم طموحاتهم الجمعية ولن ينجر الشارع الى حيل السياسيين من كل لون وموزاييك .

على القوى النشطة والاصلاحيين الضغط على الحكومة للدفع بقانون انتخابات يلائم الحالة الاردنية بكل تلاوينها والضغط اكثر لكي تحاور الحكومة كل الوان الطيف السياسي لا طيفا منفردا بوهم ملكيته الحصرية للشارع , وعلى القوى السياسية والاعلامية عدم الرهاب من المناورين , واستسهال نقد الحكومة خوفا وطمعا , فالمصلحة الوطنية تتطلب نقد جميع من يعمل في الشأن العام .


المراجع

مكتبة الجامعة الأردني

التصانيف

صحافة   عمر كلاب   جريدة الدستور