لم يكن المأمول من وزيرة وخبيرة تطوير الادارة السابقة، ادارة الافراد والعباد وفقا لمنظومتها الشخصية في وزارة التنمية الاجتماعية “وزارة الغلابى”، فنحن لم نقرأ للان عن رؤيتها ومدرستها الادارية الكثير بحكم تراجع نسب القراءة في الاردن، لكن ما فهمناه من قرار الاستعانة بخبراتها الاستثنائية انها قادمة لتطوير مفهوم التنمية الاجتماعية وتحويله الى تطوير الموارد البشرية وتحويل الغلابى السابقين الى مالكين لأدوات انتاجهم، من خلال تقليل نسب المعونة الوطنية لصالح تمويل المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تنسجم مع رؤية الملك في تعليم الصيد بدل تقديم السمك.
ادارة الافراد ومصالح العباد لا تتم عن بعد او من خلال نظرية الريموت كونترول التي تستخدمها الوزيرة في وزارة التنمية الاجتماعية، ولا نعلم سبب الجلوس في الطوابق المرتفعة والنظر الى الفقراء بعين البطريركية، وكأن المعونة منحة من الوزيرة وطواقمها المبجلة، فالمراجع ليس متسولا على الاشارات الضوئية تملك الوزيرة حق اغلاق نافذة سيارتها في وجهه، بل صاحب حق من خزينة دولته.
فلسفة الاستعانة بوزير من القطاع النسوي لوزارة التنمية الاجتماعية، جاءت لرفع منسوب الرحمة وتفهم احتياجات المواطن وخاصة قطاعات المرأة التي ظلّت مهمشة وخارج حسابات مجتمع الذكورة، وبيقين مسنود بالتجارب العملية، فشلت التجربة لان سيكولوجيا الوزارات باتت بعيدة عن الشارع، وباتت سيكولوجيا القهر التاريخي على المرأة هي التي تحكم اداء الوزيرات وخاصة وزيرة التنمية الاجتماعية.
منذ تولي معاليها سدة المنصب محمولة على اكتاف الجماهير ومفروزة من حزب حاز الاغلبية البرلمانية، وصاحبة المعالي تمارس ثقافة مستحدثة على مجتمعنا، من زحف اصحاب الحاجات الخاصة على الادراج كي يصلوا الى اغلاق الابواب والاستعانة بمن عرفوا الفقر في الروايات والافلام ذات النهايات السعيدة وللان لم تفقد فتاة زارت الوزارة فردة حذاء، لكي يجدها الفارس ذو الحصان الابيض، بل انخلعت كعوب ارجلهم قبل احذيتهم وهم يراجعون دون فائدة.
ما نشرته “الدستور” امس من تقرير للزميل مصطفى ريالات، يكشف زيف ما تقوله الوزيرة والوزارة معا، فالايتام اسرى على موائد اللئام ومجهولي النسب الذين لا ذنب لهم، تعاقبهم الوزارة والوزيرة على جناية طيش مارسها الاباء والامهات وقصة احمد المنشورة هي واحدة من قصص وحكايا يمسك كثيرون عن البوح بها، ومع ذلك تحتل الاستراتيجية العبقرية لنصرة الايتام صدر موقع الوزارة.
في موسم الضيق الوطني وانحسار منسوب الثقة بالاطر الحكومية، يجب رفع الخدمات ورفع منسوب الحرص الوطني واستشعار امال الناس وحاجاتهم الحقيقية، لا الجلوس خلف مكاتب أنيقة، وخلفية ثقافية تقول: “ياي، الفقراء شو خبثا” -بقلب الثاء الى سين- فنحن امام فقر حقيقي، يضرب اعصاب المواطن بدون رحمة ولا هوادة، وامام قضايا اجتماعية تفتح الباب واسعا امام مجهولي النسب والايتام لكي يدخلوا دائرة الجريمة من اوسع الابواب، طالما ان وزارة الغلابى، تُدار بثقافة الاغنياء.
نستسمح الحكومة الرشيدة الى اخر مؤشرات الرشاد ان تعطينا سببا كي نصدقها في ملف واحد، فنحن نعلم ان الوزيرة ليست مشغولة بقضايا الحوارات السياسية ولا تمسك بملف الانتخابات المقبلة حتى تفقد الوقت الممنوح للفقراء، نرجوك يا حكومة، نريد ان نصدّقك، على الاقل في ملف الفقراء والغلابى.
المراجع
مكتبة الجامعة الأردني
التصانيف
صحافة عمر كلاب جريدة الدستور