لا يجوز وضع العربة امام الحصان، ولا يجوز الخروج من تيه الصوت الواحد الى تيه القائمة المغلقة، فهي صوت واحد بامتياز، ولكن على شكل قائمة، فالتمثيل النسبي هو ركن الديمقراطية وسندها الرئيس، والصوت الواحد يقودنا من تيه الى تيه كما قال الدكتور عبداللطيف عربيات، احد العقلاء المفترضين في جبهة العمل الاسلامي ورئيس مجلس النواب لثلاث سنوات من عمر المجلس.

فالرجل جاء من رحم “السيستم” واظنه اطول امين عام لوزارة التربية والتعليم، ورأيه دوما يؤخذ على محمل الاحترام والحرص على المصلحة الوطنية، وحكمه على ما تسرّب من قانون الانتخاب، فيه عجلة غير مرغوبة في السياسة عموما ومن شخصية بوزنه وثقله، ولعله مع اسحق الفرحان وحمزة منصور يشكلون اضلاع مثلث العقل في جبهة العمل الاسلامي او ما يسمى اصطلاحا تيار الحمائم.

عربيات ولحسابات حزبية داخلية على ما يبدو، قفز الى امام العربة وامام الحصان، في تصريحه الاخير حيال الانتخابات وتسريبات قانونها، بعد ان صمت على الصوت الواحد في انتخابات نقابة المعلمين، او ما سميّ دلعا القائمة المغلقة، ولعل التيار السياسي في جبهة العمل الاسلامي مصر على الانتقائية في القوانين ولا يفرق عن ما اسماهم عربيات في تصريحه “مهندسي مكافحة الديمقراطية”، فالتمثيل النسبي مطلوب ومقبول طالما ان مصلحة التيار الاسلامي تتحقق فيه ومرفوض اذا تعارض مع مصلحتهم بدليل رفضهم التمثيل النسبي في النقابات المهنية وصمته على اغتيال التمثيل النسبي في قانون نقابة المعلمين في اتون الربيع العربي الذي اسقط نظرية الاقصاء والتفرد بالسلطة.

وما زاد الطين بلة في تصريح الدكتور الفاضل اقتراحه “باستبدال الشعب الاردني واستيراد شعب اخر, كي لا يفوز الاسلاميون”، وفي هذا التصريح بداهة وفوقية تقريرية تعجز عنها معادلة استاذ الرياضيات للمرحلة الايتدائية، حين يشرح لطلابه معادلة “واحد زائد واحد”، فعلى اي اساس بنى الدكتور عربيات هذه المعادلة، وكيف له ان يقرر فوز الاسلاميين سلفا، وكأن الشارع الاردني خرطوش فرد الاسلاميين، وهو الذي جرّب الفوز ونقيضه.

وهل يقرأ الدكتور عربيات ردود فعل الشارع الاصلاحي والشعبي على تسريبات القانون التي أُشيع انها تجامل الاسلاميين وتتحدث عن صفقة حكومية معهم، وهل تابع منسوب الغضب على هذه التسريبات، بوصفها تغييبا لشارع إصلاحي وسياسي واجتماعي، لصالح طرف واحد يمثله الدكتور عربيات نفسه؟.

المطلوب في هذه المرحلة الحرجة التخلي عن الفوقية السياسية وإغلاق ملف الاقصاء، والعمل بجدية مع كل القوى الشعبية والسياسية من اجل فرض التمثيل النسبي في كل القوانين الانتخابية البرلمانية والبلدية والنقابية والطلابية وحتى انتخابات الاندية والجمعيات، فزمن إقصاء طرف سياسي او مجموعة بشرية انتهى الى غير رجعة ولا يمكن البناء التراكمي في الديمقراطية دون التمثيل النسبي الضامن لحضور الجميع على طاولة القرار.

ما تسرّب من قانون الانتخاب يشير بوضوح الى ان الاصلاح ما زال اسير القوى غير الاصلاحية وما زالت قوى الشد العكسي حاضرة في المشهد بقوة وبدعم من حيتان الفساد والافساد، بل وتمد قدمها لعرقلة كل قدم تخطو نحو الاصلاح السياسي والاقتصادي، وهذا سيزيد الاحتقان ويرفع منسوب الغضب اكثر واكثر.

لن نستعجل القرار فالبناء على التسريبات، فعل مبني للمجهول، ولا يجوز القياس عليه، وعلى الحكومة سرعة الدفع بالقانون لإغلاق باب التسريبات وما يرافقها من احتقانات.


المراجع

مكتبة الجامعة الأردني

التصانيف

صحافة   عمر كلاب   جريدة الدستور