لا يمكن الفصل بين الارهاب الفكري والارهاب العضلي اللذين تمارسهما الجماعات المعادية للاصلاح ولمقدم الجديد العربي على مستوى الثقافة والديمقراطية، فمن يحاول الاعتداء على مخالفه بالرأي بالعضلات يمارس بلطجة مدانة، ومن يعتقد انه يحتكر الحقيقة يكون خارج التاريخ وحساباته، السائرة باتجاه الحرية وحقوق الافراد.

على حواف النظام الواحد والحزب الواحد، المعصوم من النقد والخطأ، تأتي ردود افعال المعارضين حاملة لنفس فيروس الانظمة الفردية ونظام الحزب الحاكم، فهم يفرضون نفس الوقائع على الخصوم، فلا يمكن فهم المطالبة بنظام العزل السياسي الا إذعانا لمنطق الاقصاء الذي كانت تمارسه الانظمة السابقة، وعدم يقين بأهلية الشارع الشعبي لانتخاب انصار الثورة او منتجيها.

يتراشق الان انصار الاصلاح من الليبراليين والاسلاميين كل انواع التهم على امتداد الوطن العربي، فحتى المعارض الشهير ايمن نور الذي عانى من الاقصاء، يعلن موافقته على نظام العزل، رغم انه قال على فضائية الجزيرة انه ضد العزل والاقصاء، فالثورة يحميها الناس والشارع ولا يحميها قانون جائر او يمارس نفس ما مارسته الانظمة المعزولة او الهاربة.

لا يمكن التقدم بالاصلاح بأدوات عرفية او رحعية، ولا يؤمن بالاصلاح من يحمل فيروس الاقصاء، فهذا السلوك يشي بأن الديكتاتور جالس براحته داخل كل فرد منّا، وينتظر الفرصة كي يتبدى براحته ويعلن عن حضوره الدائم.

هناك محاولات استنساخ التجربة في الاردن، فمن يخرج يوم الجمعة ثائرا ومناضلا، حتى لو كان سلوكه العملي مشينا ومليئا بالانتهازية، ومن يخرج يوم السبت فهو مأجور ومن الفلول وأعداء الشعب، وإذا كان الوصف صحيحا، فلماذا يخشى الثوريون مشاركة الفلول في الانتخابات، فحسب الفرض الساقط، سيسقط الشارع فلول الانظمة البائدة او القائمة.

خلال ندوة في اربد، مارس الارهاب الفكري بلطجة ضد من يؤمنون بحل سياسي في سوريا، بل وكالوا لهم كل انواع التهم بل وتطور الامر الى الايدي، وخلال مسيرة الحسيني قام بعض البلاطجة بإلقاء الحجارة على المتظاهرين، فكيف يستقيم الحال اذن بين من ينادي بالاصلاح ومن يعاديه طالما ان الادوات واحدة، ومن حق المتابع ان يقول ان الاهداف واحدة وان الاصلاح في خطر من كل من يحمل فكر الاقصاء ضد الخصوم.

سهل تراشق الاتهامات، والاسهل التعامل معها بيقين مريح، والصعب ان يدلي كل صاحب فكر بفكره الى العلن، وان نترك الخيار للناس كي يختاروا من الافكار المطروحة ما يلبّي طموحاتهم، اما ان يلجأ سياسي في الصف الاول من اكبر حزب سياسي الى الارهاب الفكري في وصف من يخرجون الى الشارع دعما للبرامج السياسية الرسمية فهذا مدان اكثر من حجم ادانة الناس العاديين الذين يحملون العصي ويلوحون بها ضد المطالبين بالاصلاح.

السياسي يزرع الفكرة والامل بتحقيقها وعليه ان يحمل وزر الفكرة واعباء فكرته، اما ان يصبح مستقزّا مثل حديثي التجربة السياسية، فهو اكثر ادانة من المضلل، او الفارع بطوله من اجل مكاسب او احتواء.

اخطر الحروب، الحروب على مستوى الفكر واسوأ النتائج ان تفكر بفكر خصمك فكيف اذا وصلت ان تمارس نفس ممارسة خصمك؟.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   عمر كلاب   جريدة الدستور