لا تكتسب زيارة أو مظاهرة الجماعة الإسلامية في مخيم الحسين قيمة مضافة لو أنها جاءت في سياق مشهدية الحراك الدائر منذ عام ونصف, بل وقد تكون الزيارة الكرنفالية عادية جدا بحكم الانطباع المتكون عند كثير من الساسة والذي مفاده أن المخيمات حدائق خلفية لنشاط الجماعة وخزانها التصويتي في الانتخابات البرلمانية , على شدة التضليل في هذا الانطباع , فالتحليل النهائي المرسوم في أذهان النخبة ان المخيمات عامة تنحى نحو الجماعة كعنوان سياسي لتمثيلها . وهذا يمنح الجماعة براءة سياسية من التهم الجاهزة والمعلبة التي ترافقت مع نشاط الجماعة الحراكي الجمعة الماضية والمرشح لاستنساخ في جُمع قادمة .
الذي منح الزيارة ابعاداً متباينة هو توقيت الزيارة ونوعية الشعار المرفوع , والذي يهدف بمجمله لإعادة احياء تخوفات وهواجس نشاط اذار من العام الفائت ، وضرورة خلط السياسي بالمطلبي في مولينكس الجماعة ، لإنتاج صدام أهلي او الإيحاء بوجوده والقدرة على اطلاقة من قمقمه .
فالجماعة الاخوانية , ظلت بعيدة عن إدخال المخيمات في مولينكس اللحظة الربيعية وإبقائها ذخيرة اذا تعثر الاتفاق مع الحكومة , لأن المخيمات عند الجماعة الإخوانية ورقة ابتزاز سياسي تهدف لحرف الحراك عن مقاصده وغاياته وتظهير لمساحات سوداء في العلاقة السياسية بين الجماعة والحكومات .
ولو ان الجماعة مستقر في وجدانها غير ذلك , لمارست نشاطها الحراكي منذ البواكير ، فهذه مناطق اردنية مأهولة بمواطنين اردنيين , اسوة بتلاع العلي وعمان القديمة وحي نزال وغيرها من المناطق ، لكنها تريدها غير ذلك وتتعامل معها بوصفها غير ذلك ايضا .
واذا اضفنا مدخل الانفصال التنظيمي بين حركة حماس - الجماعة الإخوانية في فلسطين - مع الجماعة الاخوانية في الاردن ، تصبح المعادلة اكثر تظهيراً ووضوحاً وقابلة للقراءة من بوابة - سوء الظن من حسن الفطن - ، فالجماعة طوال عام ونصف وهي تجهر بعدم سعيها لجر المخيمات الى المشهدية الحراكية , ونفت كل التهم بمحاولة زرع اسفين في جسد الحراكات , أبان سعيها لإنتاج صدام في دوار الداخلية اذار الماضي , فماذا استجد للانتقال الى المرحلة الثانية , سوى الضغط على الأعصاب الحساسة للدولة , باستثمار الاوجاع الصادقة للشعب الاردني بعمومه بما فيه المخيمات , بالعبث والرقص على الأوجاع ومحاولة تعميم الحرائق الصغيرة بعد بروز ظاهرة الانحسار العددي للمتظاهرين لأسباب متعددة ، متوازيا مع ظاهرة نقص وتراجع منسوب الرضا الشعبي عن مسيرة الاصلاح ومحاربة الفساد , مضافا الى ذلك ابتعاد شعبي عن شعارات الجماعة في مناطق النفوذ التقليدية ، فسعت الى جولة اذار وبعدها جولة المفرق وآخرها جولة مخيم الحسين والباب موارب لجولات أخرى بحسب مقتضى الحاجة الاخوانية .
الخطوة محاولة لخلط الاوراق , إضفاء التوتر على حركة الدولة لدفعها للتصرف بخشونة , ما يعزز نظرية الجماعة في ضرورة انتاج الصدام لتوفير البيئة المناسبة لعمل الجماعة التي تعاني من تشققات أفقية وعامودية داخل جسمها بعد تغيّر نوعي في سلوكها انعكس على تركيبتها التنظيمية وقيادتها الجديدة .
المخيمات اسوة بكل المناطق الاردنية تدرك ابعاد الخطوة وتدرك اكثر حساسية المرحلة وضرورة البقاء في دائرة الفعل الوطني العام الذي يرفض تجزئة المجتمع والعبث بركنه المتين المكين ، الوحدة الوطنية والجماعة لن تنجح بالمخيط بهذه المسلة في المخيمات وغيرها من المناطق الاردنية.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة عمر كلاب جريدة الدستور