ما زلنا بانتظار الملك كي يزور القرى، والبيوتات، والوزارات، ويتابع البرامج الخدمية الصباحية في الاذاعات، وان يتجول في العالم الافتراضي على المواقع الالكترونية، ويقرأ صباحا الزوايا والكتاب وما تيسر من الصحف اليومية، ثم يلتقي رئيس الوزراء والوزراء لحثّهم على تنفيذ مطالب الناس ومعالجة القصور في العمل، قصور يكون له شكل الاستحالة اثناء مراجعة الموطن للوزير المعني، قبل ان يصبح الحل سلسا مع مقدم الملك.

طوال اسابيع ونحن نسمع عن ازمات مياه في كثير من المواقع، وقام الناس بكل الممكنات من المراجعات والبث والشكوى، وقام غيرهم بحرق الاطارات وإغلاق الشوارع، ولحق الضرر بهيبة الدولة وصورتها، والمسؤول الاردني كأنه لا يعرف الطريق الى المناطق الاردنية او انه لا يقرأ ولا يتابع، ويترك الاقاليم والمناطق النائية لقدرها، بل ويترك بعض احياء عمان من غير الغربية الى العطش ونقص الخدمات.

وليت الحال في الخدمات، بمعنى ان المسؤولين مشغولون بالسياسة وهمومها على حساب الخدمات، فالوزير منصب سياسي، وهو يترك الخدمات للامناء والمدراء، وينشغل برسم سياسة وزارته.

يلجأ الناس للملك؛ فهو ملاذهم الآمن وبابهم المشرع، تلجأ المعارضة للملك فهو الوحيد الذي لا يستكبر على حزب او جماعة ويسعى للوصول الى جميع التكوينات السياسية، ويسمع مطالبهم ويقلل من هواجسهم ومخاوفهم، تنسدّ الافاق السياسية فتلجأ المعارضة للملك، فالحكومة لن تتحرك من مكانها ولن تتسول حوارا او موقفا وعلى الاخر ان يأتي طائعا، فالاداء الحكومي مذهل ولا مجال لفريق سياسي ان يحصد رصيدها من السنابل عند الناس.

عند انطلاق قاطرة الاصلاح الملكية قبيل الربيع العربي، سألني صديق عربي عن اقبال الملك عليه وهو الحاكم العربي الوحيد الذي يطالب الناس بالتحزّب والحديث المعلن والاقبال على التكوينات السياسية والاجتماعية، ويطلق مبادرات خلاّقة ويقوم بتحفيز الناس خلال جولاته ولقاءاته مع الناس.

واجتهدت في الاجابة بأن الاصلاح في الاردن مصلحة ملكية عليا ومصلحة شعبية، فالملك لا يخشى من الاصلاح؛ لانه نقطة اجماع او مركز الدائرة الاردنية، وهو على مسافة واحدة من المعارضة والمؤيدين، فلا يوجد لدينا حزب الموالاة، فالجميع موالٍ للملك وللوطن وثمة معارضة ومؤيدة.

وهناك فريق يسعى الى تكريس الموالاة بدل المؤيدين، فهذا سيقود الى وجود خصوم للوطن ومعارضة للملك، ويخشى الاصلاح لانه يمسّ مصالحه واجنداته ويخشى من دخول الشمس الى كل الزوايا خشية ان تتطهر الزوايا من الفساد والافساد.

رحلة الملك من الولايات المتحدة الى الطيبة في الكرك، ليست رحلة مفاجئة للاردنيين، فهم يعرفون مليكهم ويعرفون حرصه على راحتهم، بل هي دليل بات دائما على ضرورة الاصلاح والوصول الى حكومات برامجية وائتلافية برلمانية، يحاسبها الناس ويحاسبون البرلمان الذي منحها الثقة، وترفع حملا عن كتف الملك، وتكشف بأنها حكومات من منازلهم او من مكاتبهم، فلا احد يريد ان يتعب من اجل الثقة الشعبية؛ فهو يعرف ان تمرير معاملة لنائب او تعيين سيمنحه ثقة المنطقة عبر صوت نائبها.

خطوة الملك بالوصول الى الطيبة، ليست مباغتة؛ فهي سلوك هاشمي موصول ونبل ملكي معروف، وما نريده ان يرتاح الملك وان يتابع ملفات خارجية تعصف بالاقليم ولا تديرها حكومة او وزارة، ونريد ان نرفع عنه عبئا كي يدعم الخزينة بالمعونات والمساعدات.

الملك، صمام امان ولا نريد ان نستنزفه في دعم حكومات ومسؤولين، لذا علينا الاسراع الى اخراج قانون انتخاب يضمن مشاركة الجميع، لترحل الحكومات والبرلمانات المتكلسة والمتجمدة، لنصل الى حكومات شعبية وبرلمانات تمثل الناس وتحمل العبء مع الملك.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   عمر كلاب   جريدة الدستور