تعنت وزارة التربية في تسليم مقرات نوادي المعلمين الى نقابتهم حلقة من حلقات التأزيم المتتالية تتم بوعي او بدونه، فما جدوى نواد بهيئات معينة للمعلمين بعد انتخابات نقابة المعلمين وفوز نخبة من المعلمين ونيلهم شرف تمثيل زملائهم، وما جدوى بقاء النوادي التي جاءت لتقوم مقام النقابة ولا نقول التفافا على وجود النقابة اصلا بعد وجود النقابة الاصلية والمعبرة عن المعلمين.

الفرع لا يجوز له ان يسود على الاصل وان يملك في حين ان الاصل خارج الحسابات، فهذه النوادي وطوال وجودها كانت نوادي للعلاقات العامة ومساحات ترفيه للجوار وللمعلمين على حد سواء ولم يكن لها اي دور او حضور في واقع العملية التعليمية ولم تسهم في رفع سوية المهنة او دافعت عن المعلم الذي استباحته الظروف الاقتصادية والقوانين الطاردة لهيبته وكرامته.

مقرات النوادي هي مكرمة ملكية، وادارتها في السابق كانت عبر التعيين، اي ان الهيئات التي تدير النوادي ممسوكة وغير متماسكة، وخروجها ببيان يرفض تسليم المقرات للهيئة الشرعية خروج على القانون واستقواء عليه، وسط موقف سلبي من وزارة التربية والتعليم التي تتعامل مع قضية هامة بتراخي وتحت تأثير لوبيات تستفيد من الاندية واستثمارتها.

معلمو الاندية يناكفون جماعة النقابة، والصراع على المقرات صراع محكوم بعوامل كثيرة اخرها العملية التعليمية، رغم ان الاصل ان تتحول هذه الاندية الى مقار للنقابة في المحافظات والمركز، وللمفارقة فإن التطاول الذي مارسته النقابة على قانونها وتعدي حدودها النقابية هو الذي سمح لجماعة الاندية بالضغط لخرق القانون والمنطق العقلي، فما دامت القضية قضية استعراض عضلات فلماذا يتخلى كل طرف عن امتيازاته بل يصبح القانون ضعفا ومجالا للمنابزة بقلّة الحيل وضعف الشكيمة، فالنقابة التي انتظرناها بفارغ الصبر تتقدم بمطالب تناقض نظامها الداخلي “قانونها” ولم يجف حبره بعد، والنقابة اسست للقائمة المغلقة وكانت باكورة افرازاتها، واظنها ستبقى حبيسة هذا الانغلاق طويلا.

وزارة التربية والحكومة يجب ان تحسما الامر بسرعة بسحب مفاتيح الاندية من الهيئات المعينة من مديريات التربية والمركز وتسليمها للنقابة مع الحفاظ على موظفي الاندية واحترام العقود مع الاخرين لحين انتهاء هذه العقود، وعلى النقابة ان توقف التطاول على قانونها حتى لو كان ذلك يحقق الان شعبية انية لكنه في النهاية سيكسر هيبة النقابة مبكرا ويخرجها من دائرة الرصانة المهنية التي تتمتع بها كل النقابات المهنية الثقيلة.

سرعة الحل تمنع التطاول والتراكم، ومشكلتنا اننا لا نتحرك الا اذا وقعت الواقعة وتم اغلاق الشوارع والمدارس.

سلوك الحكومة وشكواها من عدم تفاعل الكثير معها يجب ان يدفعها الى مراجعة طرق علاجها للازمات وطرق تفاعلها مع مطالب الفئات الاجتماعية والشعبية وعدم ادارة الظهر لها، فما زال امامنا فرصة لمنع التصعيد وتطويق الازمة قبل ان تستفحل في بداية العام الدراسي الذي امامه شهر من الان، وهذه مسافة زمنية لا تمنح راحة لوزير الا اذا كان الهدف ترحيلها لتنفجر في حضن اخرين.


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   عمر كلاب   جريدة الدستور