يبدو الاسم مغريا للمتابعة والقراءة, ويحمل المشروع القادم من هذه الجمعية زخما لقضية في صلب الديمقراطية وجوهرها, فقد انهت الجمعية قراءة في قانون منع الجرائم الاردني لسنة 1954 وهو القانون الخاص بصلاحيات الحكام الادرايين, حيث تخلص الدراسة الى عدم ملاءمة هذا القانون لمبادئ الدستور الاردني الخاصة بحقوق المواطنين وحرياتهم العامة والشخصية ولا مع الاعلان العالمي لحقوق الانسان ولا مع العهد الدولي للحقوق المدنية والاجتماعية والسياسية ولا مع الميثاق العربي لحقوق الانسان وكلها عهود ومواثيق صادق عليها الاردن.
خطورة القانون حسب الدراسة تكمن في بالجمع بين السلطتين التنفيذية والقضائية بيد الحاكم الاداري, وهو غير ملزم بإثبات ان المتهم ارتكب فعلا او افعالا مدانة او مجرّمة, فلم ينص قانون منع الجرائم على ضوابط محددة يلتزم بها الحاكم الاداري في تكوين ظنونه وقناعاته التي يبنيها على الاشتباه كما لا يوجد للقضاء النظامي اي سلطة رقابية او قضائية على القرار الصادر, وانما هي من اختصاص محكمة العدل العليا وهي محكمة ادارية قراراتها مبنية على قاعدة مخالفة القانون او التعسف في استخدام السلطة وليس على قاعدة عدم دستورية القانون.
القانون بالمناسبة هو امتداد تاريخي لقانون صدر عن المندوب السامي البريطاني سنة 1927 وجرى اقراره سنة 1954 بغياب السلطة التشريعية, وكان معتمدا في الهند والسودان والعراق وفلسطين اضافة الى الاردن وقد تم وقف العمل بهذا الشكل من القوانين في كل الدول السابقة بإستثناء الاردن.
دور الحاكم الاداري هو دور تنموي الان وليس دورا قضائيا او تنفيذيا, ولكن قصورا في بعض البنود التشريعية حسم الامر لصالح بقاء هذا القانون المخالف لكل المبادئ الانسانية, فهو قانون يجيز التوقيف على الشبهة, ويجري استخدامه الان بحق اصحاب القيود السابقة او لضمان الحياة خاصة في قضايا الشرف او القضايا التي لم يتم اجراء مصالحة عشائرية فيها, ويكفي التدليل على ان احدى النساء جرى توقيفها 17 عاما حسب دراسة الجمعية في قضية شرف, فالقانون يمنح الحاكم الاداري صلاحية التوقيف والاقامة الجبرية والنفي.
القانون ورغم تطبيقه على اصحاب الاسبقيات في الوقت الحالي الا انه بات منفذا لكثيرين كي يقوموا بتصفية حسابات شخصية مع مواطنيين ليس لديهم سوابق, وقد رصد التقرير حالات من هذا القبيل, مما يعني ان الازمة الاقتصادية وتراجع المنظومة القيمية يمكن ان تجد في هذا القانون منفذا لهذه التصفيات, كما ان اصحاب القيود السابقة لا يجوز ان يبقوا اسرى لماضيهم او لجريمة ارتكبوها قبل سنوات او في عمر مبكّر, فالمسيي في القانون له الحق في الدفاع عن نفسه.
ورقة الاحاطة التي اعدتها الجمعية تستحق التوقف عندها طويلا, خاصة ان الجمعية في محافظة اربد وليست في العاصمة عمان حتى يتم اتهامها بالسعي للحصول على تمويل خارجي او اثارة قضية لتحقيق شهرة, واجرت عشرات ورش العمل واللقاءات الميدانية قبل اطلاق دراستها, التي ستقوم بإيداعها في مجلس الامة سعيا الى الغاء القانون او الحد منه.
الحاكم الاداري او المحافظ ينتظره دور كبير في المرحلة القادمة التي ستشهد تطبيق اللامركزية وسيكون حينها معنيا بالتنمية والدراسات الاقتصادية والاجتماعية ولا يجوز ان يحمل خصومة اجتماعية او ان يتورط في مخالفة دستورية, كما ان القانون بحد ذاته يجب ان يخضع اما لتعديل سريع او عرضه على المحكمة الدستورية التي ستدخل بوابة الحياة العملية هذا الشهر لوقفه او ابداء الرأي في دستوريته ليحسم الامر.
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة عمر كلاب جريدة الدستور