اكثر ما يلفت في الحوار السياسي الدائر في البحر الميت تحت عنوان “الحكومات البرلمانية ..واقع وطموحات” اعتماد المحاورين او المتناظرين على التوصيف للحالة الراهنة , بدل الدخول في تثقيف اللحظة وتعميق المفهوم ثم التوافق عليه , ومن يقرأ الكلمات التي ألقاها رجال الدولة من وزراء سابقين او معارضين يجدها قد زادت من غموض الحكومة البرلمانية بدل توضيحها .
ربما ساهم العنوان الافتراضي للورشة بأن ثمة تعريفا واضحا للحكومة البرلمانية وصار الخلاف على تنفيذها الواقعي ام مراوحتها في خانة الطموح , وكان الاجدر ان يكون العنوان عن تعريف الحكومة البرلمانية وقدرة الانتخابات القادمة على توفير المناخات اللازمة او الاشتراطات الموضوعية لولادة الحكومة البرلمانية على ارض الواقع الاردني .
الحكومة البرلمانية تتطلب واقعا برلمانيا لم يصل المجتمع الاردني الى التوافق عليه وتحديد ملامحه التشريعية ابتداءً , لان البرلمانية تعني تكليف حزب الاغلبية بتشكيل الحكومة سواء من الاعضاء الفائزين في الانتخابات او من خارج البرلمان , وقانون الانتخاب الحالي اوقف نمو القائمة الحزبية التي اقترحتها حكومة عون الخصاونة وبنى القائمة الوطنية على التوافق الشعبي او الحزبي فكلاهما مسموح كما من المسموح للحزبي الترشح على المقاعد المحلية , ومحدودية العدد في القائمة الوطنية وطبيعة الاقتراع على المقاعد المحلية او الدوائر الفرعية لا تمكّن الحزبي من تحقيق الفوز دون مدخلات البيئة الاجتماعية وتحديدا القرابة والخدمات , مما يجعل من تحقيق حزب اغلبية مستحيلا كما لايمكّن حتى الحزبين من تحقيق الاغلبية , وبالتالي ان نتحدث عن حكومة ائتلافية اكثر جدوى وموضوعية في هذا الظرف , وبعد تعديل القانون الانتخابي تحت القبة نتحدث عن شكل الحكومة القادمة ربما بعد دورة برلمانية او دورتين .
الاساس المطلوب تكريسه الان , هو شكل اختيار رئيس الوزراء المكلف , وما هي اليات التشاور مع الكتل البرلمانية لاختيار الرئيس , فنحن نريد ان نتفق على الالية السياسية الواقعية قبل الذهاب بعيدا الى الواقع والطموح حسب عنوان الورشة , فما زال الانتقاد القائم لشكل اختيار الرئيس هو الاكثر حضورا في المشهد السياسي .
لا نريد ان نشتري الرسن قبل الفرس ولا نريد ان نضيع وقتا في حوار ومناظرات لشكل سياسي لا يمكن الوصول اليه في الدورة الانتخابية القادمة او وفق القانون الحالي للانتخاب , والمطلوب الان البحث عن اليات لدعم وتحفيز مشاركة الناخب في الاقتراع , ومناقشة الية اختيار الرئيس والتوافق عليها .
نشاط وزير التنمية السياسية مقدر ومحاولاته لدفع العجلة الى الامام تستحق الدعم , على شرط ان يكون المسار او الطريق يخدم اللحظة الراهنة ولا يتحدث عن مجال سياسي افتراضي لا يحقق دعما للواقع الحالي الذي يشهد برودة في المزاج العام حيال الانتخابات .
فقد سأم الشارع من الخلوات ومنتجاتها التي لا تحفظ لها الذاكرة ودا , على امل ان نحاول انقاذ اليوم الثاني من الورشة للبحث عن اشكال سياسية واجراءات عملية لدفع عجلة الانتخاب الى الامام .
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة عمر كلاب جريدة الدستور