لا نحتاج الى تأكيد بأننا من افقر دول العالم مائيا , وليس جديدا اننا نحتاج غيث السماء كل لحظة كي نشرب وتشرب الارض والبهم , ولم تأتِ الاربعينية في غير موعدها , ولم تغير الارض دورتها , فالاربعينية على التوقيت الشمسي , الا اذا كانت امانة عمان ووزارتا المياه والاشغال تعتمد التوقيت الهجري , فتصبح الاربعينية مثل شهر رمضان , تأتي في الصيف والشتاء والربيع والخريف وتنتقل من فصل الى فصل بسهولة ويسر .

يأتي الشتاء فتفيض شوارعنا وتفيض عبّارات المياه وتنغلق الانفاق والشوارع ويدبُّ المواطن الصوت , يغيب المطر فنبدأ بالصراخ من العطش وانقطاع المياه , وجفاف الاسفلت , يأتي السياح في الصيف فنضج بالصراخ من الازمة , واذا تأخر السياح عن القدوم لا نترك تهمة لوزارة السياحة .

نحن في بلد العجائب المتناقضة , نطالب بحل مجلس النواب ثم نعود الى المطالبة بعودته , نريد انتخابات عامة ثم نعلن دعمنا لمقاطعتها , نريد حربا على الفساد ثم نقوم ببناء الصواوين للمتهمين ونلبسهم عباءة ونحتفل بهم , نطالب بتكميم الاعلام الالكتروني ثم نفزع عليه عند اول ازمة , نريد شاشة تنافس القنوات اللبنانية والخليجية , ثم ينهار مقسم التلفزيون من الاتصالات التي تدين ظهور مذيعة ببنطال جينز.

مشهد العاصمة الانظف والعاصمة الاجمل , كان معيبا خلال الشتوة الاخيرة , طلاب يصرخون على الاذاعات لتأخرهم عن الامتحانات , والذي قلل المصاب استجابة الاساتذة الجامعيين ورؤساء الجامعات , شوارع مغلقة ومناطق محاصرة بالكامل , ولأول مرة تتساوى عمان الشرقية مع الغربية , فشارع الاوتستراد من جهة المسلخ مغلق , وشارع الاردن المهيب مغلق , ودوار الواحة مغلق , والانفاق برك سباحة .

لاول مرة يكون الفيس بوك الاردني مليئا بالفكاهة كما نشطاء مصر , فنحن لا نملك حسّ الفكاهة مثلهم , ومع ذلك نجح النشطاء الاردنيون في خلق مساحة كوميديا رائعة , فهناك اعصار فظّة , وتماسيح المسلخ , ومراكب الواحة , وشورتات الصويفية , وباقي السخرية اللاذعة .

كما العادة تبادلت الجهات الخدماتية التهم , امانة عمان تلقي باللائمة على المياه , ومياهنا تنفي ان تكون المجاري قد طفحت , رغم ان كل مصرف كان نافورة طبيعية , امانة عمان أظهرت ان الخلطة الاسفلتية معجونة بصمغ المدارس , او مدهونة على الشوارع مثل ساندويشة الجبنة الطرية , فصار الاسلفت لزقة بمياه الفم .

وحدهم ودون مبالغة حافظوا على واجبهم بأمانة واخلاص , اقصد رجال الامن العام وخاصة شرطة السير , تارة تراهم يدفعون سيارة متعطلة وتارة تراهم ينظمون السير تحت غزير المطر فتود لو تقبل جباههم , او ان تحمل كل المشروبات الساخنة لهم في مواقعهم , لتقول لهم ما تعجز عنه الكلمات , فهم يتحملون وزر اخطاء وخطايا موظفي المكاتب , الذين يلبسون ربطات العنق ويرسمون صورهم على الاخبار ولا يعملون بربع اجرهم .

نعرف حسم الرئيس في المحاسبة وقدرته على الاعتراف بأخطاء الموظفين الرسميين ونريده ان يحاسبهم , فلا اقل من حساب كل المقصرين الذين يتحججون ببرد الشتاء وحرّ الصيف , نريد ان نرى كثيرا منهم خارج الخدمة بتهمة الاهمال والتقصير , فالاخطاء واضحة ولا تحتاج الى لجان تحقيق او ملفات فساد , فما جرى فضيحة على الهواء مباشرة , وتقصير يندى له الجبين بحق الوطن والمواطن ونثق بأن الرئيس سيفعلها .


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   عمر كلاب   جريدة الدستور