انضمت طهران الى قائمة المؤتمرات المنشغلة بصداقة سوريا , كخطوة مضادة لمؤتمرات كثيرة لأصدقاء سوريا الافتراضيين , فصار اصدقاء سوريا منتشرون في كل الامصار والتخوم , من اسطنبول الى طهران مرورا بباقي العواصم التي تتطوع لصداقة سوريا , شعبا ودولة معارضة وحكما , ولكن هل كثرة الاصدقاء وتنوعهم أفاد المشهد السوري ام ان الاصدقاء الكُثر ملح على جراح السوريين ؟
لا يوجد اصدقاء لسوريا بالمعنى السياسي والواقعي الا من يؤمنون بضرورة الحل السياسي الديمقراطي على الارض السورية , وينبذون العنف والارهاب الذي يقع على الارض السورية ويقتلع القلوب ويذبح الاطفال ويهدم الموارد والبنية التحتية السورية , فلا يوجد صديق حقيقي يدعم الارهاب والتطرف والعبث بالوحدة الوطنية السورية ويُعيد تقسيم الشعب السوري حسب منابعهم الطائفية والمذهبية والإثنية .
اصدقاء سوريا اخطر على سوريا من اعدائها , لأنهم يرعون العنف ويسعون الى تسليح الارهاب ونبذ العقلاء وتغييب التيار الديمقراطي داخل سوريا , هذا التيار الذي قاد ربيع دمشق وأسس لعودة الحياة الديمقراطية في سوريا من خلال وقف نموذج الحزب الواحد وحُكم العسكر والاجهزة الامنية وإعادة عجلة الاقتصاد لتخدم المواطن السوري وليس نخبته الفاسدة التي سرقت قوت السوريين وعرقهم .
اصدقاء سوريا هم اصدقاء الدولة السورية , الذين يسعون الى تكريس وحدتها وسلامة اراضيها ويرفضون العنف والارهاب ايا كان مصدره ومُطلقه , فمن يطلب اسقاط النظام السوري ديمقراطيا وعبر صناديق الاقتراع هو صديق لسوريا مثل الذي يريد استمرار النظام عبر صناديق الاقتراع , ومن يريد صداقة سوريا عليه وقف الحملات المسمومة طائفيا ومذهبيا ضد سوريا الدولة والشعب والكيان ويفتح الفضاء لكي تتزاحم الحلول الديمقراطية داخل الارض السورية لا ان تتزاحم المدافع والراجمات .
اصدقاء سوريا هم الذين يجرحهم سيلان الدم السوري بأسلحة غربية او شرقية , ويدمي قلوبهم هذا العنف المأفون والمسكون بشهوة الدم وإدخال دمشق في زمن التخلف والقتل على الهوية بإسم المذهب او الطائفة , وتدمير المصانع والبنية الاقتصادية السورية ويفتخر بتدمير الطائرات والدبابات التابعة للنظام وكأنها ليست مُلكا قوميا مملوكا على الشيوع .
اصدقاء سوريا يدمي قلبهم اي فرح يصيب اسرائيل واتباعها وزبانيتها في العالم والاقليم , ويصيب الصاروخ الاسرائيلي قلوبهم قبل ان يصيب اي ناقلة او ذرة تراب سوري , فسبق لنا ان رأينا في العراق انماط المعارضة القادمة على منصة الصاروخ الذي ادمى قلب النخلة في بغداد وجرح جنبات الفرات ودجلة فلا يأتي من الغرب ما يسرّ القلب .
اصدقاء سوريا الحقيقيون يرفضون الاستعانة بالاجنبي وحتى غير العربي للدخول الى سوريا على ظهر دبابة او من خلال صاروخ عابر للحدود يستهدف جنديا سوريا او منزلا دمشقيا فيهدم نافورته او يقضي على شجرة نارنج , ويرفضون الصداقة من اجل التدويل او وصولا اليه , لان التدويل يعني انتهاء الدولة السورية وليس انتهاء نظام الحكم فيها , رغم ان هذا يُفضي الى ذاك , لان الانتهاء من النظام يتم بارادة السوريين الحقيقية وعبر صناديق اقتراع نزيهة خالية من دنس المال الحرام .
سوريا عصية على التدويل وعصية اكثر عن الجرّ الى الخلف او الدخول في صراع داخلي على الهوية والمذهب كما يتمنى تجار الدين واذناب الوعي الضيق , لان سوريا لها اصدقاء كثيرون سينتقلون الى مربع الدفاع عنها بكل الادوات المتاحة لرفض الغزو الاجنبي ورفض دخول الغزاة الى عاصمة الحرف الاول .
هذه شروط صداقة سوريا وبغير استكمال هذه الشروط فلا اصدقاء لسوريا حتى لو منحوا انفسهم كل الاسماء وكل الالقاب وحتى لو وجدوا داخل وخارج سوريا من يجلس على مقاعدهم ويتحدث بعقلهم ولسانهم .
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة عمر كلاب جريدة الدستور