خطوة اصلاحية مهمة قطعها الاردن بتعديل قانون محكمة امن الدولة وحصر صلاحياتها ضمن احكام الدستور في تهم خمس , مُغلقا الملك ملف التفريعات التي طالت منطوق النص الدستوري في اختصاصات امن الدولة , وهي خطوة ليست جديدة على الملك الذي يثبت انحيازه للاصلاح المتدرج كما قال في اكثر من موقع , ومغلقا في الوقت نفسه نافذة من نوافذ الاختباء خلف الملك التي اعتاد السياسيون الاختباء خلفها لاخفاء هويتهم السياسية المُحافظة او اخفاء اجندتهم الشخصية , فالتهم التي جرى تحويلها الى امن الدولة مؤخرا هي تهم تمس الملك شخصيا وعائليا , مما فتح المجال للاختباء خلفه مجددا عبر ايماءات رسمية وحزبية افترضت أن هذه الخطوة تُرضي الملك .
الاصلاح المتدرج تعاملت معه فعاليات سياسية واحزاب تشتغل في المعارضة بوصفه تسويفا او هروبا من استحقاق الاصلاح , بدل ان تتعامل معه كنهج قابل للتطور بالتساوي مع تطور المجتمع , فالتدرج الاصلاحي هو الضمانة لبقاء السلالم المجتمعية دون احتراق وهو الحافظ للسلم الاهلي وسط اقليم بات سلمه الاهلي في مهب الريح بعد ان بدأت حراكاته الشعبية بمطالب اصلاحية عادية دون انتظار او مواءمة المطلوب مع البنية الاجتماعية , فرأينا واقعها يتشظى الى طوائف وملل ونحل متصارعة حد الاحتراب الاهلي .
خطوة الملك قالت بوضوح ان الاصلاح التدريجي نهج اردني متسق مع طموحات الشارع الاردني وليس قفزة مجهولة في الهواء , وهو مصان من الملك الذي يؤثر الاحتكام الى القانون والدستور حتى لو كانت التهم تمسّه شخصيا او تطال نظام الحكم , وليس من المماطلة الدعوة الى مقارنة الواقع الاردني والسلوك الملكي مع الجوار الاقليمي , الذي تكفي ربع شعار من الذي رُفع في ساحة الحسيني وشوارع بعض المحافظات كي تسحل عشيرة بأكملها او محافظة بسكانها في دول مجاورة .
المقارنة لا تعني البقاء في نفس المربع ولكنها تعني الانتقال الهادئ والسلس الى مرحلة اخرى دون حرق للمراحل او تغيير في بنود العقد الاجتماعي لصالح حزب بعينه او فئة بعينها , فظروف الواقع السيواجتماعي في الاردن تتطلب السير بهدوء وعدم قطع خطوة دون توافق مجتمعي , فالاصلاح يجب ان يكون بنكهة اردنية تتماشى مع المعايير الدولية في احترام المواطنة وحقوق الانسان وضمان نزاهة تمثيل الناس ومشاركتهم في الحكم وليس تقليدا او استنساخا لواقع قريب او بعيد لا يحمل نفس جينات التكوين الاردني .
الملك يؤكد مجددا انحيازه لمشروع الاصلاح التدريجي رغم محاولات إبطاء او تعطيل المشروع من تحالفات يمينية محافظة او استعجال حراكي لا يمثل اكثر من المشاركين انفسهم , او استمالة احزاب او جهات ترى في الربيع العربي فرصة للاستقواء على المجتمع بحكم التنظيم او ادعاء امتلاك الصحيحين “ صحيح الدين وصحيح الدنيا “ , فالمجتمع حاضنة الاصلاح والملك ضمانته ويجب ان يسير الاصلاح على ايقاع المجتمع لا على ايقاع الرغائب الحزبية التي لا تمثل اكثر من 5 % من المجتمع الاردني على اعلى تقدير او ان يلبي طموح فئة على حساب فئة اخرى .
توسيع صلاحيات محكمة امن الدولة حمل ظلالا ثقيلة على انصار الاصلاح التدريجي وسمح بوضع التدريج في خانة التسويف او الابطاء لحين انفراج غيوم الاقليم ثم العودة الى الشكل السابق في ادارة شؤون البلاد والعباد , لكن التدخل الملكي جاء ليمنح التدريج في الاصلاح صدقية مضاعفة ويؤكد بأن الملك ضمانة لا غنى عنها لمشروع الاصلاح الشامل
المراجع
جريدة الدستور
التصانيف
صحافة عمر كلاب جريدة الدستور