داعبت اجهزة الهواتف الذكية خيال الاردنيين صباح الجمعة بإعادتها عقارب الساعة 60 دقيقة الى الوراء على نمط كذبة نيسان , مكملة بذلك سلسلة الدعابة المتواصلة على مواقع التواصل الاجتماعي التي اثرت الذاكرة الاردنية بمزيد من الدعابة السياسية , التي يعود الفضل فيها لحكومة الدكتور عبدالله النسور بإلهابه خيال النكتة السياسية وتحقيق نصر لحكومته بأنها صاحبة الامتياز في كسر الصورة النمطية عن الشارع الاردني صاحب الكَشرة الدائمة .

انتشار النكتة السياسية في الاردن على هذا النحو الواسع يُمثل انتصارا لحالة الوعي الشعبي التي بدأت بإبتكار ادواتها الخاصة للتعبير عن موقفها الرافض او المؤيد للقرارات الحكومية , بعد ان نأت الاحزاب والقوى السياسية بنفسها عن التعبير عن الشارع , وهذه ظاهرة سبقنا اليها الاشقاء في مصر فقط بحكم طبيعتهم المرحة وتركيبتهم الشعبية الخاصة التي تقابل اي موقف بدعابة فيها الكثير من الوعي وفيها الكثير من اختصار الحالة .

اساتذة علم الاجتماع عليهم واجب تحليل هذه الظاهرة المجتمعية الجديدة والايجابية وتقديم اجابات عن شكل المجتمع الجديد الذي يتفاعل بسرعة مع الظرف السياسي والاجتماعي على مواقع التواصل ويبتعد عن المشاركة في التغيير الفعلي على الارض , فنسبة انحسار المشاركة في الانتخابات النيابية والبلدية لا تتوافق مع التعبير الافتراضي المَرح الذي يبديه الاردنيون حيال ظروفهم المعيشية وواقعهم الفعلي , وكشف اسرار هذا التناقض مهمة وتدفع بالحالة العامة الى مزيد من التفاعل والمشاركة .

دون شك ان الاجواء السياسية وما رافقها من ارتفاع في منسوب الحرية انعكس على المزاج الشعبي الاردني لابتكار ادوات للتعبير فيها الكثير من الدعابة وسط اقليم اختار التعبير عن همومه بالعنف والمزيد من الفُرقة الاجتماعية بين مكوناته , ولجوء الاردنيون الى هذا النمط الايجابي من التعبير السلمي يكشف عظمة هذا الشعب وحبه للتغيير الهادئ وادانته لكل اشكال التعبير الفَظ او الشعارات غير الواعية وغير الحاملة لهمومه واماله كتلك التي تتردد بين الفينة والاخرى على لسان الدُخلاء على الحراك الشعبي او تلك التي تنطلق من حناجر بعض حزبيين دخلوا معترك الحياة السياسية في غفلة من الاحزاب والمجتمع ووجدوا في الشعار الصاخب فرصتهم للظهور وتقديم اوراق اعتمادهم لإعلام النميمة الفضائي والالكتروني .

تعامل رئيس الحكومة الذكي مع النكتة لوجيا او النكتة التكنولوجية الحديثة دليل اضافي على ذكاء الدكتور النسور المعروف بالذكاء والفطنة ولذلك يساهم الرئيس في انتشار الظاهرة وتعميمها بوصفها حالة استكشاف سريع لمزاج الشارع .....

الخشية ان تتعامل المكونات السياسية مع ظاهرة النكتة او الدعابة بصيغتها النُكتوية او الاكتفاء بالابتسامة للنكتة دون قراءة ما خلفها او تفكيك سطورها كما يفكك خبراء الالغام المتفجرات لأن كل نكتة او دعابة تحمل بين ثناياها الكثير من الرسائل المُشفرة , والقراءة الهادئة والعاقلة تُسهم في عدم تحوّل تلك الرسائل المُشفرة الى رسائل مفخخة وسط حالة حزبية عاجزة عن الاستجابة البرامجية لمطالب الشارع وتبعثر حراكي افضي الى مزيد من الابتعاد الشعبي عنه .

من جديد تقدم الغريزة الاردنية تعابيرها الخاصة الفطرية للتعبيرعن مواقفها السياسية والاجتماعية الكاشفة , والتي تقول بالفم الملآن ان الاردنيين ممسكون على امنهم واستقرارهم ويسعون الى التعابير السلمية عن تلك المواقف في بلد ما زال ممسكا على تلابيب الامن المجتمعي والسلم الاهلي وهذه اكبر نعمة للدولة وعلينا ان نحافظ على النعمة .


المراجع

جريدة الدستور

التصانيف

صحافة   عمر كلاب   جريدة الدستور